للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسَافَةِ، هُوَ الْمِقْدَارُ الَّذِي يَنَالُ الْمُصَلِّي فِيهِ الْمَارَّ بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَدْفَعَهُ، لِأَنَّ الْمَشْيَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ أَجَزْنَا لَهُ الْمَشْيَ إِلَيْهِ بَاعًا أَوْ بَاعَيْنِ لَرَكِبْنَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: (فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ) أَيْ: فَعَلَ فِعْلَ الشَّيْطَانِ (١)، فِي أَنَّهُ شَغَلَ قَلْبَ الْمُصَلِّي عَنْ مُنَاجَاةِ رَبِّهِ، وَالإِخْلَاصِ لَهُ كَمَا يَخْطُرُ الشَّيْطَانُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَيُذَكِّرُهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُهُ لِيُشْغِلَهُ عَنْ مُنَاجَاةِ رَبِّهِ.

وَفِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلرَّجُلِ إِذَا فَتَنَ فِي الدِّينِ شَيْطَانٌ.

وَقَوْلُهُمْ: (فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا) أَيْ: طَرِيقًا يُمْكِنُهُ الْمُرُورُ فِيهَا، يُقَالُ: سَاغَ الشَّرَابُ فِي الحَلْقِ إِذَا دَخَلَ بِسُهُولَةٍ.

وَمِنْ بَابِ: إِثْمِ الْمَارّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي

* فِيهِ حَدِيثُ أَبِي جُهَيْمٍ (٢).

وَقَالَ كَعْبُ الأَحْبَارِ (٣): (أَنْ يُخْسَفَ بِهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ).

وَفِي قَوْلِهُ: (لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُكُمْ مَا عَلَيْهِ) أَوْ: (لَوْ يَعْلَمُ المَارُّ بَيْنَ يَدَيْ المُصَلِّي) (٤).


(١) وهذا أيضا اخْتِيَارُ الجُوزجَاني كمَا قالَ ابن رَجَبٍ في شرحه المسمَّى فتح الباري (٤/ ٨٨).
وقال الإمامُ ابن حِبَّان في صحيحه: الإحسان (٦/ ١٣٣): "أراد بِه أَنَّ مَعَهُ شَيْطَانًا يَدُلُّه عَلَى ذَلِك الفِعْل، لأنَّ الْمَرْءَ الْمُسْلِمَ لا يَكُونُ شَيْطَانًا" اهـ.
(٢) حديث رقم: ٥١٠).
(٣) أخرجه مالك - رواية الليثي - (١/ ١٥٥) ومن طريقه عبدُ الرَّزَّاق في المصنف (٢/ ٢٠) عن زيدِ بن أَسْلَم عن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَن كَعْبٍ بِهِ، ورِجَالُه ثِقَاتٌ.
(٤) تَكَرَّرتْ في هَذا الموطِن مِن المخطوطِ العِبَارَةُ كُلُّها مِنْ بِدَاية التَّرْجمة إلى قَوْلِهِ: (بينَ يَدَيْ المصَلِّي).

<<  <  ج: ص:  >  >>