للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةِ: إِثْبَاتُ عَذَابِ الْقَبْرِ:

ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ المَسْأَلَةَ عِنْدَ شَرْحِهِ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (مَرَّ رَسُولُ اللهِ بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا) الحَدِيثَ (١).

ثُمَّ قَالَ : فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَذَابَ القَبْرِ حَقٌّ يَجِبُ الإِيمَانُ بِهِ، وَالتَّسْلِيمُ لَهُ" (٢).

وَقَالَ فِي مَوْطِنٍ ثَانٍ: "وَفِي الحَدِيثِ أَنَّ عَذَابَ القَبْرِ حَقٌّ، وَأَهْلُ السُّنَّةِ مُجْمِعُونَ عَلَى الإِيمَانِ بِهِ وَالتَّصْدِيقِ بِهِ، وَلَا يُنْكِرُهُ إِلَّا مُبْتَدِعٌ" (٣).

وَأَظْهَرَ هَذَا الْمُعْتَقَدَ فِي كِتَابِ الجَنَائِزِ بَابِ: الْمَيِّتِ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ، فَقَالَ : "وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ عَذَابِ القَبْرِ" (٤).

وَهَذَا الَّذِي قَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، وَقَدْ تَوَاتَرَتْ بِهِ النُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ، وَهُوَ مِنَ العَقَائِدِ الثَّابِتَةِ فِي الدِّينِ، وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الأُمَّةِ، وَقَدْ شَذَّتِ الخَوَارِجُ وَالْمُعْتَزِلَةُ فَأَنْكَرَتْ هَذِهِ العَقِيدَةَ الثَّابِتَةَ إِعْمَالًا مِنْهُمْ لِلْعَقْلِ البَشَرِيِّ فِي قَضَايَا الغَيْبِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ قَضَايَا الغَيْبِ - وَمِنْهَا: مَا يَعْرِضُ لِلْمَيِّتِ بَعْدَ مَوْتِهِ - وَالَّتِي وَرَدَتْ بِهَا أَدِلَّةُ الشَّرْعِ الحَنِيفِ، يَجِبُ الإِيمَانُ


(١) حديث رقم: (٢١٦).
(٢) ينظر: (٢/ ٢٢٦) من قسم التحقيق.
(٣) ينظر: (٣/ ٩٤) من قسم التحقيق.
(٤) ينظر: (٣/ ٢٥٧) من قسم التحقيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>