للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَعُودُ إِلَى سُورَةِ يَس وَمَا بَعْدَهَا

* حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ (١) فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾ (٢).

قِيلَ (٣): لأَجَلٍ أُجِّلَ لَهَا، وَقَدَرٍ قُدِّرَ لَهَا، يَعْنِي: انْقِطَاعَ مُدَّةِ بَقَاءِ العَالَمِ.

وَقِيلَ: مُسْتَقَرُّهَا غَايَةُ مَا تَنْتَهِي إِلَيْهِ فِي صُعُودِهَا وَارْتِفَاعِهَا، لِأَطْوَلِ يَوْمٍ مِنَ الصَّيْفِ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِي النُّزُولِ حَتَّى تَنتَهِيَ إِلَى أَقْصَى مَشَارِقِ الشِّتَاءِ لِأَقْصَرِ يَوْمٍ فِي السَّنَةِ.

وَلَا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ لَهَا اسْتِقْرَارٌ تَحْتَ العَرْشِ مِنْ حَيْثُ لَا نُدْرِكُهُ، وَلَا نُكَيِّفُهُ، لِأَنَّ عِلْمَنَا لَا يُحِيطُ بِهِ.

قَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ (٤): سُجُودُ الشَّمْسِ تَحْتَ العَرْشِ لَا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونُ عِنْدَ مُحَاذَاتِهَا العَرْشُ فِي مَسِيرِهَا، وَلَيْسَ فِي هَذَا إِلَّا التَّسْلِيمُ، وَلَيْسَ فِي سُجُودِهَا تَحْتَ العَرْشِ مَا يَعُوقُهَا عَنِ الدَّأْبِ (٥) فِي سَيْرِهَا، وَالتَّصَرُّفِ لِمَا سُخَّرَتْ لَهُ.

قَوْلُهُ: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ﴾ (٦)، لَيْسَ


(١) حديث (رقم: ٤٨٠٣).
(٢) سورة يس، الآية: (٣٨).
(٣) رُوي نحو هذا القول عن قَتَادة بن دِعامَة السَّدوسي: أخرجه ابن جرير في تفسيره (٢٠/ ٥١٧)، وابن أبي حاتم في تفسيره (١٠/ ٣١٩٥). وينظر: معاني القرآن للنحاس (٥/ ٤٩٣).
(٤) ينظر معنى هذا الكلام في أعلام الحديث للخطابي (٣/ ١٨٩٤).
(٥) في المخطوط (الدَّواب)، وهو غَلَطٌ، والمثْبَت كما في المصْدَر السَّابق.
(٦) سورة الكهف، الآية: (٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>