للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن كتاب الرِّقَاق

* حَدِيثُ: (إِنَّ مِمَّا أَنْبَتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ) (١).

الحَبَطُ أَنْ يَنْتَفِخَ الجَوْفُ، يُقَالُ: حَبِطْتُ الدَّابَّةَ حَبَطًا، إِذَا أَصَابَتْ مَرْعَىً طَيِّبًا، فَأَفْرَطَتْ فِي الأَكْلِ حَتَّى تَنْتَفِخَ فَتَمُوتَ.

وَفِي الحَدِيثِ مَثَلَانِ:

أَحَدُهُمَا: لِلْمُفَرِّطِ فِي جَمْعِ الدُّنْيَا، وَمَنْعِهَا مِنْ حَقِّهَا.

وَالآخَرُ: لِلْمُقْتَصِدِ فِي أَخْذِهَا وَالاِنْتِفَاعِ بِهَا.

فَقَوْلُهُ: (مَا يَقْتُلُ حَبَطًا)، مَثلُ الْمُفَرِّطِ الَّذِي يَأْخُذُهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّبِيعَ يُنْبِتُ أَحْرَارَ العُشْبِ، فَتَسْتَكْثِرُ مِنْهَا الْمَاشِيَةُ حَتَّى تَنْتَفِخَ بُطُونُهَا، فَإِذَا جَاوَزَتْ حَدَّ الاِحْتِمَالِ انْشَقَّتْ أَمْعَاؤُهَا وَهَلَكَتْ، كَذَلِكَ الَّذِي يَجْمَعُ الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ حَقِّهَا، وَيَمْنَعُ ذَا الحَقِّ حَقَّهُ يَهْلَكُ بِهِ فِي الآخِرَةِ بِدُخُولِهِ النَّارَ.

وَقَوْلُهُ: (إِلَّا آكِلَةَ الخَضِرِ)، وَقَالَ الخَضِر، فَإِنَّ الخَضِرَ لَيْسَتْ مِنْ أَحْرَارِ البُقُولِ الَّتِي يُنْبِتُهَا الرَّبِيعُ، وَلَكِنَّهَا مِنَ الجَنْبَةِ، - وَالجَنْبَةُ: مَا فَوْقَ البَقْلَ وَدُونَ الشَّجَرِ - الَّتِي تَرْعَاهَا الْمَوَاشِي بَعْدَ هَيْجِ البُقُولِ، فَضَرَبَ النَّبِيُّ آكِلَةَ الخُضَرِ مِنَ الْمَوَاشِي مَثَلًا لِمَنْ يَقْتَصِدُ فِي أَخْذِ الدُّنْيَا، وَلَا يَحْمِلُهُ الحِرْصُ عَلَى أَخْذِهَا


(١) حديث (رقم: ٦٤٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>