للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَة عشرة: اعْتِقَادُهُ فِي الصَّحَابَةِ الكِرَامِ -:

مِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ مُوَالَاةُ الصَّحَابَةِ الكِرَامِ ، وَمَحَبَّتُهُمْ، وَالتَّرَضِّي عَنْهُمْ، وَإِظْهَارُ فَضَائِلِهِمْ، وَالتَّحَدُّثُ بِمَنَاقِبِهِمْ كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ الآيَاتُ القُرْآنِيَّةُ، وَأَحَادِيثُ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، وَفَضْلُهُمْ تَابِعٌ لِفَضْلِ النَّبِيِّ ؛ فَكَمَا أَنَّهُ خَيْرُ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ، فَصَحَابَتُهُ خَيْرُ صَحْبٍ.

وَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ بِمَحَبَّةِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَالتَّرَضِّي عَنْهُمْ، وَالْكَفُّ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الجَمَلِ وَصِفِّينَ مِنْ جُمْلَةِ مَسَائِلِ أُصُولِ الدِّينِ، قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ : "فَحُبُّهُمْ سُنَّةٌ، وَالدُّعَاءُ لَهُمْ قُرْبَةٌ، وَالاِقْتِدَاءُ بِهِمْ وَسِيلَةٌ، وَالْأَخْذُ بِآثَارِهِمْ فَضِيلَةٌ" (١).

وَكُلُّ مَنْ جَحَدَ فَضَائِلَهُمْ، وَوَلَغَ فِي أَعْرَاضِهِمْ بِالثَّلْبِ، وَتَطَاوَلَ عَلَى مَقَامِهِمْ بِالْعَيْبِ، وَتَقَرَّبَ إِلَى اللهِ بِمُجَابَهَتِهِمْ بِالسَّبِّ فَلازِمُ مَقَالَتِهِ اتِّهَامُ النَّبِيِّ بِالخِيَانَةِ، وَإِضَاعَةِ الأَمَانَةِ؛ إذْ كَيْفَ يَعْهَدُ لِمَنْ بَعْدَهُ بِتَوَلِّي مَنْ يُغَيِّرُ الدِّينَ؟!

وَرَحِمَ اللهُ الإِمَامَ أَبَا جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيَّ حِينَمَا قَالَ مُبَيِّنًا عَقِيدَةَ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّحَابَةِ الكِرَام: "وَنُحِبُّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ وَلَا نُفْرِطُ فِي حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا نَتَبَرَّأُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَنُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُهُمْ، وَبِغَيْرِ الخَيْرِ يَذْكُرُهُمْ، وَلَا تَذْكُرُهُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ، وَحُبُّهُمْ دِينٌ وَإِيمَانٌ وَإِحْسَانٌ، وَبُغْضُهُمْ


(١) مَسَائِلُ أَبي العَبَّاس أحمد بن جعفر الاصطرخي ضمن طبقات الحنابلة لأبي يعلى (١/ ٦٣ - ٦٤)، وينظر: المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة للدكتور عبد الله بن سليمان الأحمدي (١/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>