للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العُلَمَاءِ كَمَا نَقَلَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ (١) - وَصَرَّحَ التَّيْمِيُّ بِأَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى خَبَرِ الوَاحِدِ عِنْدَ التَّعَارُضِ، لِأَنَّ نَقْلَهُمْ بِمَثَابَةِ نَقْلِ الجَمَاعَةِ عَنِ الجَمَاعَةِ، يَقُولُ : "قِيلَ: وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ أَعْلَمُ بِمِكْيَالِهِمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِمْ قَدُرُه وَيَعْلَمَهُ أَهْلُ العِرَاقِ، وَإِنَّمَا تَوَارَثَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِقْدَارَهُ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ، نَقَلَ ذَلِكَ عَالِمُهُمْ وَجَاهِلُهُمْ، إِذْ كَانَتِ الضَّرُورَةُ بِهِمْ إِلَيْهِ فِيمَا خَصَّهُمْ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ فِي زَكَوَاتِهِمْ، وَكَفَّارَاتِهِمْ، وَبُيُوعِهِمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ مِثْلُ نَقْلِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمُ التَّوَاطُؤُ إِلَى رِوَايَةِ وَاحِدٍ تَحْتَمِلُ رِوَايَتُهُ التَّأْوِيلَ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ مُجَاهِدٍ … لَمْ يَقْطَعْ حِرْزَهُ عَلَى حَقِيقَةٍ فِي ذَلِكَ، وَالحِرْزُ لَا يَخْلُو مِنَ الغَلَطِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَغْتَسِلَ بِدُونِ مَلْئِهِ، فَلَمَّا احْتَمَلَ هَذَا؛ كَانَ المَصِيرُ إِلَى نَقْلِ أَهْلِ المَدِينَةِ" (٢).

وَقَالَ فِي مَوْطِنٍ آخَرَ مُؤَصِّلًا لِهَذَا الدَّلِيلِ، وَمُبَيِّنًا اخْتِيَارَ المَالِكِيَّةِ فِي إِفْرَادِ الإِقَامَةِ: "قَالَ أَصْحَابُ مَالِكٍ: عَمَلُ أَهْل المَدِينَةِ وَإِجْمَاعُهُمْ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ عَلَى إِفْرَادِ الإِقَامَةِ، وَلَوْ صَحَّتْ زِيَادَةُ أَيُّوبَ وَمَا رَوَاهُ الكُوفِيُّونَ مِنْ تَثْنِيَةِ الإِقَامَةِ لَجَازَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ مَا، ثُمَّ تُرِكَ لِعَمَلِ أَهْلِ المَدِينَةِ عَلَى الآخِرِ الَّذِي اسْتَقَرَّ الأَمْرُ عَلَيْهِ" (٣).

و - قَوْلُ الصَّحَابِي:

أَفَاضَ الإِمَامُ قِوَامُ السُّنَّةِ فِي الاِسْتِدْلَالِ بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ


مجموع الفتاوى (٢٠/ ٣٠٣ - ٣١١)، وله كلامٌ مَتِينٌ في هَذَا الأَصْلِ، فَانْظُرْهُ ..
(٢) (٢/ ٢٥٩ - ٢٦٠) من قسم التحقيق، باختصار.
(٣) (٢/ ٤٩٣) من قسم التحقيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>