للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بن عَمْرِو (وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفُ) (١).

(السَّلَامُ) مَأْخُوذٌ مِنَ السَّلَامَةِ، لِأَنَّهُ أَمَانٌ وَصَوَابٌ، فَإِذَا سَلَّمَ الرَّجُلُ عَلَى الآخَرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: سَلِمْتَ مِنْ أَنْ أَتَنَاوَلَكَ بِيَدِي وَلِسَانِي، أَيْ: أَنْتَ سَالِمٌ مِنِّي، آمِنٌ مِنْ شَرِّي، قَالَ ﷿: ﴿إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا﴾ (٢) أَيْ: سَلِمْتُمْ مِنْ آفَةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَقِيلَ: لِهَذَا كُرَّرَ مَرَّتَيْنِ.

وَهُوَ فِي اسْمِ اللهِ مِنْ هَذَا أَيْضًا، لِأَنَّ مَعْنَاهُ: ذُو السَّلَامَةِ مِمَّا يَلْحَقُ المَخْلُوقِينَ مِنَ العَيْبِ وَالنَّقْصِ وَالفَنَاءِ وَالْمَوْتِ وَالزَّوَالِ وَالتَّغَيُّرِ.

وَمِنْهُ: الجَنَّةُ دَارُ السَّلَامِ، وَدَارُ السَّلَامَةِ، لِأَنَّ الصَّائِرَ إِلَيْهَا سَلِمَ مِنْ كُلِّ مَا يَكُونُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الآفَاتِ كَالْمَرَضِ وَالْمَوْتِ وَالهَرَمِ.

وَالسَّلَامُ: السَّدَادُ مِنَ القَوْلِ وَالصَّوَابِ؛ لِسَلَامَتِهِ مِنَ الكَذِبِ وَالإِثْمِ وَالعَيْبِ، قَالَ الله ﷿: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ (٣) مِنْ هَذَا، وَلَيْسَ هُوَ مِنَ التَّحِيَّةِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ العُلَمَاءِ.

وَالسَّلَامُ: شَجَرٌ قَوِيٌّ، اشْتَقَّهُ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ مِنْ هَذَا، قَالَ (٤): لِسَلامَتِهِ مِنَ الآفَاتِ، وَمِنْهُ: السَّلِيمُ: يَطْلُبُ السَّلَامَةَ، وَالسَّلَمُ: الصُّلْحُ، لأَنَّهُمْ يَتَسَالَمُونَ بِهِ.


(١) حديث رقم: (٢٨).
(٢) سورة الواقعة، الآية: (٢٦).
(٣) سورة الفرقان، الآية رقم: (٦٣).
(٤) ينظر: تهذيب اللغة للأزهري (١٢/ ٣١٠ - ٣١١)، والصحاح للجوهري (١/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>