للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحثُ الثَّاني النَّقْدُ المُوَجَّهُ إِلَيْهِ وَالجَوَابُ عَنْهُ

أَثْنَاءَ اشْتِغَالِي عَلَى هَذَا الكِتَابِ النَّفِيسِ، وَقَفْتُ عَلَى بَعْضٍ المُؤَاخَذَاتِ الَّتِي انْتُقِدَتْ عَلَى المُصَنِّفِ ، وَهِيَ فِي جُلِّهَا لَا تَعْدُو أَنْ تَكُونَ مُلَاحَطَاتٍ يَسِيرَةً، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَذْكُرَهَا وَفَاءً لِحَقِّ هَذَا الإِمَامِ أَوَّلًا، ثُمَّ بَيَانًا لِلْحَقِّ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ أَحَقَّ أَنْ يُتَّبَعَ، وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ ﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾ (١).

وَهَذِهِ المُلَاحَظَاتُ - عَلَى قِلَّتِهَا - لَا تُعَدُّ شَيْئًا بِجَانِبِ مَا فِي الكِتَابِ مِنَ العِلْمِ، وَإِصَابَةِ الرَّأْيِ، وَسَدَادِ القَوْلِ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ عِنْدَ حَدِيثي عَنْ قِيمَةِ هَذَا الكِتَابِ العِلْمِيَّةِ.

وَقَدْ قَضَى اللهُ وَقَدَّرَ أَنْ لَا يَتِمَّ كِتَابٌ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا كِتَابُهُ ﷿، وَمِنْ رَوَائِعِ قَالَاتِ العُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: "إِنِّي رَأَيْتُ أَنَّهُ لَا يَكْتُبُ أَحَدٌ كِتَابًا إِلَّا قَالَ فِي غَدِهِ: لَوْ غُيِّرَ هَذَا لَكَانَ أَحْسَنَ، وَلَوْ زِيدَ هَذَا لَكَانَ يُسْتَحْسَنُ، وَلَوْ قُدِّمَ هَذَا لَكَانَ أَفْضَلَ، وَلَوْ تُرِكَ هَذَا لَكَانَ أَجْمَلَ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ العِبَرِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى اسْتِيلاء النَّقْصِ عَلَى جُمْلَةِ البَشَرِ" (٢).


(١) سورة الأعراف، الآية: (٨٥).
(٢) تُنْسَبُ هَذِهِ العِبَارَةُ إِلى العِمَادِ الأَصْبَهَاني أبي عبد الله محمَّدِ بن مُحَمَّدِ بن جَابِرٍ (ت: ٥٩٧ هـ)، وبعضُهُم ينسُبُها إِلى عَصْريه القاضي عبد الرحيم بن علي البيساني (ت: ٥٩٦ هـ) الملقب بأُستاذ=

<<  <  ج: ص:  >  >>