للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - ذِكْرُ مَنْقَبَةٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ -:

لَمْ يَتَعَرَّضُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ لِطَعْنِ الطَّاعِنِينَ مِنْ أَهْلِ الزَّيْغِ، وَهَجَمَاتِ الْمُشَكِّكِينَ مِنْ فِرَقِ الضَّلَالِ مِثْلَمَا تَعَرَّضَ لَهُ الصَّحَابِيُّ البَرُّ أَبُو هُرَيرَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَخْرٍ ، وَقَصْدُهُمْ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ وَاضِحٌ، إِذْ مُرَادُهُمُ الطَّعْنُ فِي الأَحَادِيثِ الَّتِي رَوَاهَا، وَرَدُّ السُّنَنِ الَّتِي وَعَاهَا، فَهُوَ أَكْثَرُهُمْ لِلْحَدِيثِ رِوَايَةً، وَلَهُ أَقْضِيَةٌ وَفَتَاوٍ تَشْهَدُ بِعُلُوِّ كَعْبِهِ دِرَايَةً، وَلِذَلِكَ وَجَّهُوا سِهَامَهُمُ الْمَسْمُومَةَ لِمَرْوِيَاتِهِ مِنْ قَدِيمٍ، فَتَعَرَّضَ لَهَا أَئِمَّةُ الهُدَى وَالدِّينِ بِالنَّقْضِ، وَوَاجَهُوهَا بِالدَّفْعِ، ذَبًّا عَنْ هَذَا الصَّحَابِيِّ الكَبِيرِ، وصَوْنًا لِجَنَابِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ.

وَمِنْ هَؤُلَاءِ إِمَامُنَا التَّيْمِيُّ ، فَقَدْ أَوْمأ بِاقْتِضَابٍ إِلَى رَدِّ شُبُهَاتِ هَؤُلَاءِ، وَبَيَّنَ مَنْقَبَتَهُ ، فَذَكَرَ فِي كِتَابِ البُيُوعِ قِصَّةَ مُلَازَمَتِهِ لِلنَّبِيِّ ، وَدُعَائِهِ لَهُ بِالحِفْظِ، فَقَالَ : "وَفِي الحَدِيثِ فَضِيلَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ ، اسْتَجَابَ اللهُ دُعَاءَ النَّبِيِّ فِيهِ، فَكَانَ حَافِظَ الأُمَّة" (١).

وَقَالَ فِي التَّحْرِيرِ: "كَانَ أَبُو هُرَيرَة أَكْثَرَ الصَّحَابَةِ حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ ، أدْركَتْهُ دَعْوَةُ النَّبيِّ فَلَمْ يَنْسَ شَيْئًا حَفِظَهُ عَنْهُ.

وَفِي دُعَاءِ النَّبِيِّ أن يُحَبِّبَهُ وأمَّهُ إلى الْمُؤْمِنِين فَضِيلَةٌ عَظِيمَةٌ" (٢).


(١) (٤/ ٦٦) من قسم التحقيق.
(٢) التحرير في شرح صحيح مسلم (ص: ٥٦٩ - ٥٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>