للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُقَدِّمَة

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، إِلَهِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، خَالِقِ الخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَمُفَضِّلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي العَقْلِ وَالدِّينِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى نِعَمِهِ الْمُتَوَالِيَةِ، وَآلَائِهِ الْمُتَكَاثِرَةِ، لَهُ الحَمْدُ عَلَى مَا أَوْلَى وَأَنْعَمَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، خَاتَمُ رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ، وَمُبَلِّغُ أَحْكَامِهِ وَأَنْبَائِهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ النَّاقِلِينَ أَقْوَالَهُ وَأَفْعَالَهُ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ نِعَمِ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ، فَكَانَتْ أَقْوَالُهُ وَأَفْعَالُهُ أَحْكَامًا مِنْ أَحْكَامِ الدِّينِ، مُبَيِّنَةً لِمَا أُنْزِلَ مِنْ كِتَابِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَتَكَفَّلَ اللهُ بِحِفْظِهَا، إِذْ حِفْظُهَا هُوَ حِفْظٌ لِلْقُرْآنِ الكَرِيمِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (١)، فَبَلَغَ كِتَابَ رَبِّهِ أَتمَّ البَلَاغِ، وَأَدَّى الأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الأُمَّةَ، وَلَمْ يَلْحَقْ بِالرَّفِيقِ الأَعْلَى حَتَّى تَرَكَهُمْ عَلَى الْمَحَجَّةِ البَيْضَاءِ،


(١) سورة النحل، الآية: (٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>