للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ كُلِّ حَرْفٍ يَقْرَأُ بِهِ قَارِئُ مَعْنًى لَا يُوجَدُ فِي قِرَاءَةِ الْآخَرِ، فَالقِرَاءَاتُ حُجَّةُ الفُقَهَاءِ فِي الاسْتِنْبَاطِ، وَمَحَجَّتُهُمْ فِي الاهْتِدَاءِ إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ" (١).

وَلَمْ يَقْتَصِرُ عَلَى مُجَرَّدِ عَزْوِ قِرَاءَاتِ القُرّاءِ، وَتَمْيِيزِ الْفَرْشِ، بَلْ تَعَدَّاهُ إِلَى عِلْمِ التَّوْجِيهِ، مِمَّا يَقْطَعُ بِضُلُوعِهِ فِي هَذَا العِلْمٍ، وَتَمَكُّنِهِ مِنْهُ.

وَبَعْدَ اطِّلَاعِي عَلَى الجُزْءِ الْمُحَقَّقِ مِنْ كِتَابِ الإِيضَاحِ فِي التَّفْسِيرِ لإِمَامِنَا التَّيْمِيِّ أَلْفَيْتُ الخُبْرَ قَدْ صَدَّقَ الخَبَرَ، وَسَأَدَلَّلُ لِهَذَا بِذِكْرِ أَمْثَلَةٍ شَاهِدَةٍ عَلَى مَا ذَكَرْتُ.

* المثَالُ الأَوَّلُ:

عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ: ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾ (٢) قَالَ : ﴿وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾ قُرِئَ بِالتَّاءِ، وَرَفْعُ السَّبِيلِ، وَمَعْنَاهُ: لِيَظْهَرَ وَتَتَّضِحَ طَرِيقُ الْمُجْرِمِينَ أَنَّهُ لَا حُجَّةَ مَعَهُ، وَيُقَالُ: اسْتَبَانَ الشَّيْءُ أَيْ: ظَهَرَ.

وَقُرِئَ (وَلِتَسْتَبِينَ) بِالتَّاءِ، وَنَصْبِ السَّبِيلِ، وَمَعْنَاهُ: لِتَعْرِفَ يَا مُحَمَّدُ سَبِيلَ الْمُجْرِمِينَ … " (٣).

المِثَالُ الثَّانِي:

عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي نَفْسِ السُّورَةِ: ﴿وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ


(١) لطائف الإشارات لفنون القراءات للقسطلاني (١/ ٣٥٦).
(٢) سورة الأنعام، الآية (٥٥).
(٣) الإيضاح في التفسير لقوام السُّنَّة التَّيمي، من أول الأنعام إلى نهاية يونس - رسالة ماجستير بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة -، تحقيق: راشد بن حمد الصبحي، ص: (٨٤ - ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>