للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْهَج السَّلَفِ الصَّالِحِ، أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ فِي بَابِ الاِعْتِقَادِ، مُتَّبِعًا لِلْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَتَمَيَّزَتْ تَقْرِيرَاتُهُ بِدِقَّةٍ بَالِغَةٍ، وبِأَدَقِّ إِشَارَةٍ وَأَوْجَزِ عِبَارَةٍ، لأَنَّ الْمَقَامِ فِي هَذَا الْكِتَابِ لَا يَسْمَحُ بِالإِطَالَةِ، فَضْلًا عَمَّا أَوْدَعَهُ فِي كِتَابِهِ الْمَاتِعِ "الحُجَّةُ فِي بَيَانِ الْمَحَجَّةِ" مِنْ مَزِيدِ بَيَانٍ لِمَبَاحِثِ هَذَا العِلْمِ الشَّرِيفِ، فَرَحِمَهُ اللهُ، وَأَجْزَلَ مَثْوبَتَهُ، وَجَعَلَ أَعَالِيَ الجَنَّةِ مَسْكَنَهُ.

رابعا: عِلْمُ الفِقْهِ وَأُصُولُهُ

يُعَدُّ الإِمَامُ قِوَامُ السُّنَّةِ أَحَدَ فُقَهَاءِ عَصْرِهِ الْمُبَرَّزِينَ، فَقَدْ أَفْنَى صِبَاهُ فِي تَحْصِيلِ عِلْمِ الْفِقْهِ، وَكَانَ تَفَقُّهُهُ عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ الْمُطَّلِبِيّ الشَّافِعِيُّ الَّذِي كَانَ سَائِدًا بِبِلَادِهِ آنَذَاكَ، وَلِذَا ذَكَرَهُ الْمُتَرْجِمُونَ فِي طَبَقَاتِ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ كَمَا مَرَّ، بَلْ عَدُّوهُ أَحَدَ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ (١)، وَنَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْحَلْ إِلَى بَغْدَادَ بَعْدَ الإِمَامِ الْمُبَجَّلِ أَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ أَفْضَلُ مِنْهُ (٢).

وَمِمَّا يُؤَكِّدُ لِتَمَيُّزِهِ فِي عِلْمِ الفِقْهِ، وَتَمَكُّنِهِ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ مُفْتِيًا بِبِلَادِ نَيْسَابُورَ سِنِينَ - وَنَاهِيكَ بِهَذَا الشَّرَفِ البَاذِخِ، وَالْمَجْدِ الرَّاسِخِ - وَهَذَا تِلْمِيذُهُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ يَشْهَدُ لَهُ بِالنُّبُوغ فِي الفِقْهِ، فَيَقُولُ: "وَأَمَّا عِلْمُ الفِقْهِ؛ فَقَدْ شَهْرَ فَتَاوِيهِ فِي البِلَادِ وَالرَّسَاتِيقِ، بِحَيْثُ لَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ فَتَاوِيهِ فِي المَذْهَبِ" (٣).


(١) طبقات الفقهاء الشافعيين (٢/ ٥٩١).
(٢) سير أعلام النبلاء (٢٠/ ٨٢).
(٣) لسان الميزان (٥/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>