للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ بَابِ: سُجُودِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ

* فِيهِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ (١).

وَقَوْلُهُ: (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَسْجُدُ عَلَى وُضُوءٍ) (٢) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَوَقَعَ فِي بَعْضُ النُّسَخِ (عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ) (٣)، وَالصَّوَابُ: إِثْبَاتُ غَيْرِ، لِأَنَّهُ ثَبَتَ عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ قَالَ: (كَانَ عَبْدُ اللهِ ابْنُ عُمَرَ يَنْزِلُ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَيُهْرِيقُ المَاءَ، ثُمَّ يَرْكَبُ فَيَقْرَأُ السَّجْدَةَ، فَيَسْجُدُ وَمَا يَتَوَضَّأُ) (٤).

وَذَهَبَ فُقَهَاءُ الأَمْصَارِ إِلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ إِلَّا عَلَى وُضُوءٍ، وَأَمَّا سُجُودُ المُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ العِبَادَةِ للَّهِ، وَالتَّعْظِيمِ لَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ لِمَا أَلْقَى (٥) الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ مِنْ ذِكْرِ آلِهَتِهِمْ، فَسَجَدُوا لَمَّا سَمِعُوا مِنْ تَعْظِيمِ آلِهَتِهِمْ، فَلَمَّا عَلِمَ النَّبِيُّ مَا أَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ مِنْ ذَلِكَ حَزِنَ لَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى تَسْلِيَةً لَهُ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ (٦) أَيْ: إِلَّا إِذَا تَلَا أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي تِلَاوَتِهِ.


(١) حديث (رقم: ١٠٧١).
(٢) علَّقَهُ البخاريُّ في هذا الباب، وقد وَصَلَهُ ابن أَبي شَيْبَة كما سيأتي.
(٣) الرِّوَايَةُ الأُولى هِيَ رِوَايَةُ الأَصِيلي، وَأَبي الهَيْثَم، والرِّواية الثَّانية هي نُسْخَة ابن السَّكن كما جَزَم به ابن بَطّالٍ (٣/ ٥٦).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ١٤) من طريقِ زكَرِيا بن أبي زَائِدَة عن أبي الحَسَنِ عن رَجُلٍ زَعَمَ أَنَّه كَنَفْسِهِ عَن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عنه به مثله. وهذا إسنادٌ ضَعِيفٌ لجَهَالَةِ شَيْخِ أَبي الحَسَن.
(٥) تكررت في المخطوط هذه العبارة من قوله: (لا تجوزُ سَجدَةُ التِّلاوَة … إلى قوله: لما ألقى).
(٦) سورة الحج، الآية: (٥٢). =

<<  <  ج: ص:  >  >>