للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومِنْ كِتَابِ الإِجَارَةِ

الإِجَارَةُ جَائِزةٌ في قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ العِلمِ (١)، والأَصْلُ فِي جَوازِهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ﴾ (٢).

قَالَ الشَّافِعِيُّ (٣): فَأَجَازَ الاسْتِئْجَارَ لِلرَّضَاعِ، وَاللَّبَنُ قَدْ يَقِلُّ وَقَدْ يَكْثُرُ، وَشُرْبُ الْمُرْضَع يَقِلُّ ويكثرُ، فَلَمَّا أَجَازَ الاِسْتِئْجَارَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَعَ كَثْرَةِ الْغَرَرِ فِيهِ، كَانَ جَوَازُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَوْلَى.

فإِذَا ثَبَتَ جَوَازُهَا فَإِنَّما تَصِحُّ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ (٤): إِمَّا أَنْ تُعْقَدَ عَلَى مُدَّةٍ معلومةٍ؛ أَوْ عَلَى عَمَل مَعْلُومٌ.

فالْمُدَّةُ الْمَعْلُومَةُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ.

والعَمَلُ: أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لِيَخِيطَ لَهُ ثَوْبًا، أَوْ يَبْنِي لَهُ دَارًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

وَلَا يجوزُ أَنْ يُقَدَّرَ الْعَمَلَ وَالْمُدَّةَ مَعًا، فَيَقُولَ: اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَخِيطَ لِي ثَوْبًا فِي يَوْمٍ، لأَنَّ ذَلِكَ يُؤدِّي إِلى الاِخْتِلافِ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَفْرُغُ مِنَ الْعَمَلِ فِي الْيَوْمِ، فَلَا


(١) ينظر: الإجماع لابن المنذر (ص:٩٢).
(٢) سورة الطلاق آية: (٠٦).
(٣) ينظر: كتاب الأم للشافعي (٤/ ٢٥).
(٤) ينظر: ومختصر المزني (ص: ١٢٦)، المهذب للشيرازي (١/ ٣٩٥ - ٣٩٦)، الحاوي الكبير للماوردي (٧/ ٣٨٩ - ٣٩٠)، بحر المذهب للروياني (٧/ ١٤١ - ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>