للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي قَوْلِهِ: (بَدَأَ بِمُقَدَّمِهِ) رَفْعُ الإِشْكَالِ، وَإِبْطَالُ قَوْلِ مَنْ قَالَ: يَبْدَأُ بِمُؤَخَّرِهِ، لأَنَّ قَوْلَهُ: (فَأَدْبَرَ بِيَدِهِ وَأَقْبَلَ) يَحْتَمِلُ التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ، وَلِأَنَّ هَذِهِ الفِعْلَةَ كَانَتْ نَادِرَةٌ مِنْهُ، وَفَعَلَهَا لِيُرِيَ أُمَّتَهُ السَّعَةَ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ يَفْعَلُ طَوَالَ دَهْرِهِ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ مَسَحَ رَأْسَهُ فَبَدَأَ بِمُقَدَّمِهِ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ) (١).

وَمِنْ بَابِ: الوُضُوءِ بِالمدِّ

* حَدِيثُ أَنَسٍ : (كَانَ النَّبِيُّ يَغْسِلُ - أَوْ كَانَ يَغْتَسِلُ - بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ، وَيَتَوَضَّأُ بِالمُدِّ) (٢).

فِي الخَبَرِ دَلِيلٌ وَإِخْبَارٌ عَنِ القَدْرِ الَّذِي كَانَ يَكْفِيهِ لَا أَنَّهُ حَدٌّ لَا يُجْزِئُ دُونَهُ، وَإِنَّمَا قَصَدَ بِهِ التَّنْبِيهَ عَلَى فَضِيلَةِ الاقْتِصَادِ، وَتَرْكِ السَّرَفِ.

وَالمُسْتَحَبُّ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى الإِسْبَاغِ بِالقَلِيلِ [أَنْ يُقَلِّلُ] (٣) وَلَا يَزِيدُ عَلَى


= المسند (٣/ ٤٨٦)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان (١٣/ ٤٦٩ و ٤٧٠)، والحاكم في المستدرك (٣/ ٤١٢)، من طرق عن ابن أبي أُمَامة، أنه سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: اغْتَسَلَ أَبِي سَهْلُ بِنْ حُنَيْفٍ فَذَكَرَه، وفي آخِرِه: قال : (علامَ يقتُل أحدُكم أخَاه، هلَّا إذا رأيتَ ما يُعْجِبك بَرَّكْتَ، ثم قال: اغْتَسِلْ له .. ) - هذا لفظ أحمد -.
وإسنادهُ صَحِيحٌ.
(١) أخرجه مالك في الموطأ - رواية الليثي - (١/ ١٨)، ومن طريقه البخاري (رقم: ١٨٥) ومسلم (رقم: ٢٣٥) به.
(٢) حديث (رقم: ٢٠١).
(٣) ما بين المعقوفَتَيْنِ ساقطٌ من المخْطُوط، والمثْبَت من شرح صحيح البخاري لابن بطال (١/ ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>