للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله فِي بَابِ الشُّفعة

(إِذَا أَذِنَ لَهُ قَبْلَ البَيْعِ فَلَا شُفْعَة له) (١)، وقالَ الشَّعْبِيُّ: (مَنْ بِيعَتْ شُفْعَتُهُ وَهُوَ شَاهِدٌ لَا يُغَيِّرُهَا فَلَا شُفَعَة لَهُ) (٢).

قالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِي (٣): إِذَا بَاعَ شِقْصًا وَثَبَتَ لِلشَّفِيعِ فِيهِ الشُّفْعَة فَلَا يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يَعْلَمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ، أَوْ لَا يَعْلَمُ، فإِنْ لَمْ يَعْلَم بِالْبَيْعِ لَم يَبْطُلْ حَقُّهُ مِنَ الشُّفْعَة إِلَى أَنْ يَعْلَمَ وَإِنْ تَطَاوَلَ الزَّمَانُ؛ لأَنَّ هَذَا حَقٌّ يَجِبُ لإِزَالَةِ الضَّرَرِ، فَلَمْ يَبْطُل عِنْدَ عَدَمِ العِلْمِ بِهِ كَالرَّدِ بِالْعَيْبِ.

فإِنْ عَلمَ بِذَلِكَ وَلَم يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ، فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَسْنَا نُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهُ لا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ بِحَالٍ، وَلَكِنَّهُ يُطَالَبُ عَلَى حَسْبِ الْعَادَةِ، فَإِنْ كَانَ يَأْكُلُ حَتَّى يَفْرَغَ مِنَ الْأَكْلِ، وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي حَتَّى يَفْرَغَ مِن الصَّلاةِ، وإن كانَ لَيْلًا حَتَّى يُصْبِحَ، لأنَّ حَقَّ الشَّفْعَةِ وَإِنْ ثَبَتَ عَلَى الْفَوْرِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُطَالَبَةُ عَلَى حَسْبِ الْعَادَةِ.


(١) من قول الحكم، عَلَّقَه البُخَارِيُّ في هَذا الْمَوْطِن، وقدْ وَصَلَهُ ابن أبي شَيْبَة في المصنف (٧/ ١٧٦) من طريق وكيع عن سفيان عن أشعث عنه به .. وينظر: تغليق التعليق لابن حجر (٣/ ٢٧٩).
(٢) علقه البخاري هنا، وقد وصله ابن أبي شيبة في المصنف (٧/ ١٧٥) من طريق وكيع عن يونس بن أبي إسحاق عنه به نحوه .. وينظر: تغليق التعليق لابن حجر (٣/ ٢٧٩).
(٣) ينظر: الحاوي الكبير للماوردي (٧/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>