للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى مَشِيئَتِهِ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ (١) (٢).

* * *

الْمَسْأَلَةُ الثالثة عشرة: إِثْبَاتُ حَقِيقَةِ السِّحْرِ:

قَالَ قِوامُ السُّنَّةِ أَبُو القَاسِمِ التَّيْمِيُّ : وَقَدْ أَنْكَرَ قَوْمُ السِّحْرَ، وَالسِّحْرُ ثَابِتٌ، وَحَقِيقَتُهُ مَوْجُودَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ السِّحْرَ فِي كِتَابِهِ فِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ، وَأَمَرَ بِالاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ فَقَالَ: ﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ (٣)، وَوَرَدَ في ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ أَخْبارٌ كَثِيرةٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ فِي كُتُبِهِمْ مَا يَلْزَمُ السَّاحِرَ مِنَ العُقُوبَةِ فِيمَا يَأْتِيهِ مِنَ السِّحْرِ جَزَاءً عَلَى ضَرَرِهِ" (٤).

قُلْتُ: وَهَذَا الَّذِي قَرَرَهُ المُصِّفُ هُوَ مُعْتَقَدُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، مُتَّبِعِي السَّلَفِ الصَّالِحِ، خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَ حَقِيقَةَ السِّحْرِ مِنْ أَهْلِ الكَلَامِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِلسِّحْرِ البَتَّةَ، لَا فِي مَرَضٍ وَلَا قَتْلٍ وَلَا حَلٍّ وَلَا عَقْدٍ، وَقَوْلِهِمْ إِنَّ ذَلِكَ تَخْيِيلٌ لِأَعْيُنِ النَّاظِرِينَ، لَا حَقِيقَةَ لَهُ سِوَى ذَلِكَ.

وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا القَوْلَ خِلَافُ مَا تَوَاتَرَتْ بِهِ النُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ مِنَ القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَأَحَادِيثِ النَّبِيِّ ، وَآثَارِ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ الصَّالِحِينَ رَضِيَ اللهُ


(١) سورة النساء الآية: (٤٠).
(٢) رسالة ابن أبي زيد القيرواني (ص: ٥٨).
(٣) سورة الفلق، الآية: (٤).
(٤) ينظر: (٤/ ٣٨٠) من قسم التحقيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>