للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاخْتِلَافِ الفِقْهِيِّ بَيْنَ العُلَمَاءِ بِأَدَبٍ جَمٍّ، وَخُلَقٍ إِسْلَامِيٍّ عِلَمِيٍّ رَفِيعٍ، فَقَدْ كَانَ تَبْجِيلُهُ لِلْعُلَمَاءِ، وَمُرَاعَاتُهُ أَدَبَ الاخْتِلَافِ بَيْنَهُم، دُونَ طَعْنٍ أَوْ تَجْرِيحٍ فِي أَحَدِهِمْ أَحَدَ السِّمَاتِ البَارِزَةَ فِي صَنِيعِهِ .

وَمِنْ آثَارِ ذَلِكَ الأَدَبِ، أَنَّكَ تَجِدُ المُصَنِّف فِي كُلِّ المَسَائِلِ الفِقْهِيَّةِ الَّتِي أَثَارَهَا - يُنَاقِشُ أَقْوَالَ العُلَمَاءِ بِعِلْمٍ، وَيَسْتَعْرِضْ أَدِلَّةَ مُخَالِفيهِ، وَيُورِدُ عَلَيْهَا الاعْتِرَاضَاتِ دُونَ تَعَرُّضٍ لِلذَّوَاتِ وَالأَشْخَاصِ بِنَبْزٍ أَوْ لَمْزٍ، لِأَنَّ الحَقَّ يُعْرَفُ بِدَلِيلِهِ لَا بِقَائِلِهِ، وَقَدِيمًا قِيلَ: "لَا يَعْرِفُ الفَضْلَ لِأَهْلِ الفَضْلِ إِلَّا ذَوُوهُ".

هـ - الالْتِزَامُ بِالأَمَانَةِ العِلْمِيَّةِ عِنْدَ نَقْلِ أَقْوَالِ الْمُخَالِفِينَ:

اتَّسَمَتْ نُقُولُ المُصَنِّفِ فِي جَمِيعِ مَادَّةِ الكِتَابِ، وَحِينَ عَرْضِهِ لِلْمَسَائِلِ الفِقْهِيَّةِ عَلَى وَجْهِ الخُصُوصِ بِالضَّبْطِ وَالدِّقَّةِ وَالأَمَانَةِ العِلْمِيَّةِ، وَهَكَذَا فَقَدْ جَاءَتْ جُلُّ نُقُولِه مُوَافِقةً لِلْمَصْدَرِ الَّذِي يَنْقُلُ عَنْهُ، وَغَالِبًا مَا كَانَ يَنْقُلُ عِبَارَتَهُ بِاللَّفْظِ، وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا إِلَّا نَادِرًا، وَلَمْ يَكُنْ تَصَرُّفُهُ لِيُغَيِّرَ شَيْئًا مِنَ المَعَانِي.

و - الحِرْصُ عَلَى بَيَانِ مَوَاطِنِ الإِجْمَاعِ وَالِاتِّفَاق بَيْنَ العُلَمَاءِ:

عُنِيَ الْمُصَنِّفُ أَثْنَاءَ تَعَرُّضِهِ لِلْمَسَائِلِ الفِقْهِيَّةِ فِي هَذَا الكِتَابِ بِذِكْرِ مَوَاطِنِ الإِجْمَاعِ وَمَوَاطِنِ الاخْتِلَافِ، مِمَّا يُؤَكِّدُ قِيمَةَ هَذَا الكِتَابِ، إِذْ إِنَّهُ مِنَ المُسَلَّمِ بِهِ أَنَّ هَذَا البَابَ مُهمٌّ جِدًّا لِلْمُشْتَغِلِ بِالعِلْمِ عُمُومًا وَبِالفِقْهِ خُصُوصًا، حَتَّى لَا يَسْتَحْدِثَ أَقْوَالًا لَا يُعْرَفُ لَهُ سَلَفٌ فِيهَا.

وَقَدْ تَنَوَّعَتِ العِبَارَاتُ الَّتِي اسْتَخْدَمَهَا فِي نَقْلِ الإِجْمَاعِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>