للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ، وَالدَّهْرُ لَيْسَ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ، فَمَسَبَّتُهُمْ لِلدَّهْرِ مَسَبَّةٌ لِلهِ ﷿، وَلِهَذَا كَانَتْ مُؤذِيَةً لِلرَّبِّ تَعَالَى، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ" (١).

* * *

الْمسْأَلَةُ السَّادِسَةِ: كَلَامُ اللهِ تَعَالَى بِحَرْفٍ وَصَوْتٍ:

مَسْأَلَةُ الكَلَام هِيَ إِحْدَى الْمَسَائِلِ العَظِيمَةِ الَّتِي يَتَمَحَّصُ بِهَا الاعْتِقَادُ الصَّحِيحُ، إِضَافَةً إِلَى صِفَةِ الاسْتِوَاءِ، وَرُؤْيَةِ المُؤْمِنِينَ لِرَبِّهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، بَلْ صَارَ قَوْلُ الشَّخْصِ فِي هَذِهِ المَسَائِلِ الثَّلَاثِ مِعْيارًا يُعْرَفُ بِهِ انْتِمَاؤُهُ لِلسُّنَّةِ، أَوْ بُعْدُهُ عَنْهَا.

وَقَدْ تَعَدَّدَتْ مَقَالَاتُ أَهْلِ الزَّيْغِ فِي هَذِهِ الصِّفَةِ الثَّابِتَةِ للهِ ، تَبَعًا لِفَسَادِ أُصُولِ المُتَكَلِّمِينَ بِهَا، حَتَّى إِنَّ العَلَّامَةَ ابْنَ القَيِّمِ عَدَّ فِيهَا ثَمَانِيَةَ أَقْوَالٍ (٢)، وَزَادَ ابْنُ أَبِي العِزِّ شَارِحُ الطَّحَاوِيَّةِ عَلَيْهِ قَوْلًا، فَبَلَغَ بِهَا تِسْعَةَ أَقْوَالٍ (٣).

وَاشْتَهَرَ الخِلَافُ فِيهَا بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالحَدِيثِ، وَبَيْنَ الجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ مِنْ جِهَةٍ؛ وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الكُلَّابِيَّةِ وَالأَشَاعِرَةِ مِنْ جِهَةٍ ثَانِيَةٍ.

فَأَهْلُ السُّنَّةِ يَقُولُونَ: كَلَامُ اللهِ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، غَيْرُ مَخْلُوقٍ، مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَتَكَلَّمُ مَتَى شَاءَ، وَكَلَامُهُ بِصَوْتٍ وَحَرْفٍ مَسْمُوعٍ، وَهُوَ يَتَفَاضَلُ


(١) زاد المعاد في هدي خير العباد (٢/ ٣٢٣ - ٣٢٤).
(٢) مختصر الصواعق المرسلة (٤/ ١٣٠٢ - ١٣١٤).
(٣) شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (١/ ١٧٢ - ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>