فِيمَا عَمِلَا بِهِ) " (١).
جـ - التَّرْجِيحُ بِكَثْرَةِ العَدَدِ:
تَعَرَّضَ المُصَنِّفُ ﵀ إِلَى هَذَا الوَجْهِ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ عِنْدَ كَلَامِهِ عَلَى قِصَّةِ عِتْقِ بَرِيرَةَ ﵂، فَعَرَّجَ عَلَى مَسْأَلَةٍ فِقْهِيَّةٍ اخْتَلَفَ فِيهَا الفُقَهَاءُ ﵏، وَهِيَ: إِذَا أُعْتِقَتِ الأَمَةُ، وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا، هَلْ يَثْبُتُ لَهَا خِيَارُ فَسْخِ النِّكَاحِ؟
فَذَكَرَ ﵀ أَقْوَالَ الفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَذَكَرَ أَدِلَّةَ كُلٍّ، وَبَيَّنَ أَنَّ سَبَبَ
الاخْتِلَافِ تَعَارُضُ الرِّوَايَاتِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ فِي حَالِ مُغِيثٍ زَوْجٍ بَرِيرَةَ ﵂ لَمَّا
خَيَّرَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ.
قَالَ ﵀: "قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ: لَهَا الخِيَارُ، اسْتِدْلَالًا بِرِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: (خَيَّرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَرِيرَةَ، وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا)، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِبَرِيرَةَ: (مَلَكْتِ بُضْعَكِ فَاخْتَارِي)، جَعَلَ اخْتِيَارَهَا أَنَّهَا مَلَكَتْ بُضْعَهَا، وَهَذِهِ العِلَّةَ مَوْجُودَةٌ إِذَا أُعْتِقَتْ تَحْتَ حُرٍّ، كَوُجُودِهَا إِذَا أُعْتِقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ.
وَدَلِيلُ الشَّافِعِيِّ: مَا رَوَاهُ عُرْوَةُ وَالقَاسِمُ عَنْ عَائِشَةَ: (أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَيَّرَ بَرِيرَةَ، وَكَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا)، وَالحُكْمُ إِذَا نُقِلَ مَعَ السَّبَبِ، تَعَلَّقَ الحُكْمُ بِذَلِكَ السَّبَبِ، كَمَا إِذَا نُقِلَ الحُكْمُ مَعَ عِلَّةٍ، تَعَلَّقَ بِتِلْكَ العِلَّةِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رَوَى الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ ﵂: (أَنَّه كَانَ حُرًّا) فَتَعَارَضَتِ الرِّوَايَتَانِ فِي النَّقْلِ، فَكَانَتْ رِوَايَةُ الحُرِّيَةِ أَثْبَتَ فِي الحُكْمِ، أَلَا تَرَى لَوْ شَهِدَ
(١) ينظر: (٢/ ٢١٨ - ٢١٩) من قسم التحقيق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute