للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُمْ لَا يَضُرُّونَ أَحَدًا إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (١)، وَمَنْ سَحَرَ مِنْهُمْ وَاسْتَعْمَلَ السِّحْرَ، وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ يَضُرُّ أَوْ يَنْفَعُ بِغَيْرِ إِذْنِ اللهِ تَعَالَى فَقَدْ كَفَرَ" (٢).

وَنَقَلَ هَذَا الْمُعْتَقَدَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ عَنِ الْمَازَرِيِّ شَارِحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ ، وَنَسَبَهُ لِمَذَاهِبٍ أَهْلِ السُّنَّةِ عَامَّةً، يَقُولُ : "مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَجُمْهُورٍ عُلَمَاءِ الأُمَّةِ عَلَى إِثْبَاتِ السِّحْرِ، وَأَنَّ لَهُ حَقِيقَةً كَحَقِيقَةِ غَيْرِهِ مِنَ الأَشْيَاءِ الثَّابِتَةِ خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَنَفَى حَقِيقَتَهُ وَأَضَافَ مَا يَقَعُ مِنْهُ إِلَى خَيَالَاتٍ بَاطِلَةٍ لَا حَقَائِقَ لَهَا، وَقَدْ ذَكَرَهُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ مِمَّا يُتَعَلَّمُ، وَذَكَرَ مَا فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ مِمَّا يُكَفَّرُ بِهِ، وَأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ لَا يُمْكِنُ فِيمَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ" (٣).

وَقَدْ عَقَدَ الإِمَامُ اللَّالَكَائِيُّ فِي كِتَابِهِ "شَرْحُ أُصُولِ اعْتِقَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ" فَضْلًا فِي سِيَاقِ مَا رُوِيَ أَنَّ السِّحْرَ لَهُ حَقِيقَةٌ (٤).

وَعَقَدَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا - قِوَامُ السُّنَّةِ التَّيْمِيُّ فَصْلًا مَاتِعًا فِي كِتَابِهِ: "الحُجَّةُ فِي بَيَانِ المَحَجَّةِ" فِي بَيَانِ أَنَّ السِّحْرَ لَهُ حَقِيقَةٌ، وَلَيْسَ بِتَخَيُّلٍ (٥)، أَوْرَدَ فِيهِ أَدِلَّةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنَ القُرْآنِ الكَرِيم وَالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وَآثَارِ سَلَفِ الأُمَّةِ.


(١) سورة البقرة، الآية: (١٠٢).
(٢) عقيدة السلف وأصحاب الحديث لأبي عثمان الصابوني (ص: ٢٩٦).
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم (١٤/ ١٧٤).
(٤) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (٧/ ١٢٠٩) فما بعدها.
(٥) الحُجَّة في بَيانِ المحَجَّة لأبي القَاسِمِ التَّيمي (١/ ٤٨١) فما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>