للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْهَا، لَقَبَهُ عُلَمَاءُ عَصْرِهِ بِأَلْقَابٍ زَكِيَّةٍ، كَقِوَامِ السُّنَّةِ، وَقِوَامِ الدِّينِ وَنَحْوِهَا (١)، وَهِيَ تُنِمُّ عَنْ مَدَى قَوْلِ هَذَا الإِمَامِ بِالسُّنَّةِ، وَغَيْرَتِهِ عَلَيْهَا وَعَلَى أَهْلِهَا، وَحِرْصِهِ عَلَى سُلُوكِ نَهْجِهِمْ، وَالسَّيْرِ عَلَى مَنْهَجِهِمْ، وَالْتِزَامِهِ الاِتِّبَاعَ، وَنَابِهِ عَنِ الابْتِدَاع، مِمَّا حَذَا بِهِ إِلَى تَأْلِيفِ كِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ فِي بَيَانِ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، وَبَيَانِ طَرِيقَةِ أَهْلِهَا، وَدَحْضِ مَسَالِكِ أَهْلِ البِدَعِ الرَّدِيَّةِ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْهَا سَمَّاهُ: "الحُجَّةُ فِي بَيَانِ المَحَجَّةِ"، قَالَ فِي مُقَدِّمَتِهِ: " … وَحِينَ رَأَيْتُ قِوَامَ الإِسْلَامِ بِالتَّمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ، وَرَأَيْتُ البِدْعَةَ قَدْ كَثُرَتْ، وَالوَقِيعَةَ فِي أَهْلِ السُّنَّةِ قَدْ فَشَتْ، وَرَأَيْتُ اتِّبَاعَ السُّنَّةِ عِنْدَ قَوْمٍ نَقِيصَةً، وَالخَوْصَ فِي الكَلَامِ دَرَجَةً رَفِيعَةً، رَأَيْتُ أَنْ أُمْلِيَ كِتَابًا فِي السُّنَّةِ، يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ مَنْ فَصَدَ الاتِّبَاعَ، وَجَانَبَ الابْتِدَاعَ، وَأُبَيْنَ فِيهِ اعْتِقَادَ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ فِي الأَمْصَارِ، وَالرَّاسِخِينَ فِي العِلْمِ فِي الأَقْطَارِ، لِيَلْزَمَ المَرْءُ اتِّبَاعَ الأَئِمَّةِ المَاضِينَ، وَيُجَانِبَ طَرِيقَةَ الْمُبْتَدِعِينَ، وَيَكُونَ مِنْ صَالِحِي الخَلَفِ لِصَالِحِي السَّلَفِ … " (٢).

وَقَدْ أَثْنَى العُلَمَاءُ عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَبِي القَاسِمِ فِي أُصُولِ الدِّينِ، وَشَهِدُوا لَهُ بِسَلَامَةِ الْمُعْتَقَدِ، فَمِنْ أَقْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ:

قَوْلُ الحَافِظِ أَبِي زَكَرِيَا يَحْيَى بْنِ مَنْدَه (ت: ٥١١ هـ) : "كَانَ أَبُو القَاسِمِ حَسَنَ الاعْتِقَادِ، جَمِيلَ الطَّرِيقَة" (٣).


(١) ينظر ما تقدم في المبحث الثاني من هذا الفصل (ص: ٣٠ - ٣١).
(٢) الحجة في بيان المحجة لأبي القاسم التيمي (١/ ٨٣ - ٨٤).
(٣) سير أعلام النبلاء للذهبي (٢٠/ ٨٢)، وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير (٢/ ٥٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>