للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ: وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الوُسْطَى صَلَاةُ الصُّبْحِ، وَإِنَّمَا أُكِّدَتِ الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا لاسْتِيلَاءِ النَّوْمِ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِ عَسْكَرِهِ حَتَّى فَاتَهُ وَقْتُهَا، وَمِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ: تَوْكِيلُهُ بِلَالًا فِي السَّفَرِ وَالحَضَرِ مُرَاقَبَةَ وَقْتِهَا، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِمُرَاقَبَةِ غَيْرِهَا (١).

وَأَمَّا تَرْكُهُ الصَّلَاةَ حَتَّى ابْيَضَّتِ الشَّمْسُ، فَإِنَّ الكُوفِيِّينَ قَالُوا: إِنَّما أَخَّرَهَا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نَهْيِهِ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٢): إِنَّمَا أَخَّرَهَا بِمِقْدَارِ مَا تَوَضَّأَ النَّاسُ، وَتَأَهَّبُوا لِلصَّلَاةِ، وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْمَعْنَى فِي بَعْضٍ طُرُقِ الحَدِيثِ.

وَرَوَى عَطَاءٌ أَنَّ النَّبِيَّ إِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالخُرُوجِ عَنْ ذَلِكَ الوَادِي عَلَى طَرِيقِ التَّشَاؤُمِ بِهِ، وَقَالَ لَهُمْ: (اخْرُجُوا مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَتْكُمْ فِيهِ الغَفْلَةُ) (٣).

وَفِي رِوَايَةِ زَيْدِ بن أَسْلَمَ: (إِنَّ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ) (٤)، فَكَرِهَ الصَّلَاةَ فِي البُقْعَةِ الَّتِي فِيهَا الشَّيْطَانُ إِذْ كَانَ السَّبَبَ لِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا.

وَ (التَّعْرِيسُ): النُزُولُ بِاللَّيلِ.


(١) قلتُ: لا يَلْزَم مما ذَكَره الشَّارح قِوَام السُّنَّة من كَوْنَ الصَّلاة الوُسْطَى هي صَلاةُ الصُّبح، وتَعْليلُ ذَلِكَ بِتَوكيلِ بِلالٍ عليها فِيه ضَعْف، خاصَّةً أَنَّهُ ثَبَتَ مَرْفُوعا كمَا تقدَّم أنَّها صَلاةُ العَصْر، وأَمَّا عِلَّةُ تكْلِيفِ بِلالٍ بمُرَاقَبَتِها حَضَرًا وسَفَرًا فالأَنْسَبُ فِيهَا أَنَّهَا لمكَانِ النَّوْمِ المُسْتَغْرقِ غَالِبًا.
(٢) روضة الطالبين للنووي (١/ ١٩٧) وحلية العلماء للقفال (١/ ٣٧).
(٣) أَخْرَج أبو دَاود (رقم: ٤٣٦) وعبد الرزاق في المصنف (١/ ٥٨٧) والبيهقي في الكبرى (٢/ ٢١٨) من طريق مَعْمَرٍ عن الزُّهْرِي عن سعيد بن المسيِّب عن أبي هُرَيْرَةَ مرفوعا: (تَحولُوا عَن مَكَانِكُم الَّذِي أَصَابتكُم فيهِ الغَفْلَة).
(٤) أخرجه مالك - رواية الليثي - (١/ ١٤) عن زيدِ بن أَسْلَمَ بِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>