للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحِينَئِذٍ كَانَ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الفَجْرِ قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ.

* وَقَوْلُهُ: (إِذَا سَكَتَ المُؤَذِّنُ) يَدُلُّ أَنَّ رُكُوعَهُ كَانَ مُتَّصِلًا بِأَذَانِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رُكُوعُهُ إِلَّا بِابْتِدَاءِ الفَجْرِ، وَكَذَلِكَ الأَذَانُ، وَعَلَى هَذَا حَمَلَ البُخَارِيُّ الحَدِيثَ، وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ البَابَ.

أَمَّا أَذَانُ ابن أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقِيلَ: لَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ: (أَصْبَحْتَ) إِفْصَاحًا بِالصُّبْحِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الصُّبْحَ قَدْ ظَهَرَ، وَ [لَكِنْ] (١) عَلَى مَعْنَى التَّحْذِيرِ مِنْ طُلُوعِهِ وَالتَّحْضِيض لَهُ عَلَى النِّدَاءِ، أَوْ خِيفَةً ظُهُورِهِ، وَالْمَعْنَى: قَارَبْتَ الصَّبَاحَ، كَقَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾ (٢)، أَيْ: قَارَبْنَ، وَلَوْ كَانَ أَذَانُ ابن أُمِّ مَكْتُومٍ بَعْدَ الفَجْرِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُؤْمَرُوا بِالْأَكْلِ إِلَى وَقْتِ أَذَانِهِ.

وَقِيلَ: إِنَّ قَصْدَ البُخَارِيِّ إِنْبَاتُ أَذَانِهِ بَعْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ، اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ: (إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِاللَّيْلِ) فَلَوْ كَانَ [أَذَانُ] (٣) ابن أُمِّ مَكْتُومٍ قَبْلَ الفَجْرِ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ: (بِلَيْلٍ) مَعْنَى؛ لِأَنَّ أَذَانَ ابن أُمِّ مَكْتُومٍ أَيْضًا كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ الكَلَامُ أَنْ يَكُونَ نِدَاءُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فِي غَيْرِ اللَّيْلِ فِي وَقْتٍ يَحْرُمُ فِيهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ اللَّذَانِ كَانَا مُبَاحَيْنِ فِي وَقْتِ أَذَانِ بِلَالٍ.

وَقَدْ رُوِيَ: (لَا يَمْنَعُكُمْ مِنْ سُحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ)، ذَكَرَهُ البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ (٤) وَرُوِيَ: (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمَّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى


(١) في المخطوط (التكلفه)، وهو خطأ، والمثبت من شرح ابن بطال (٢/ ٢٤٨)، وهو الصَّوَابُ.
(٢) سورة الطلاق، الآية: (٠٢).
(٣) سَاقِطَةٌ مِنَ المَخْطُوطِ، والاسْتِدْرَاكُ من شرح ابن بطال (٢/ ٢٤٩).
(٤) حديث (رقم: ١٩١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>