للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ (١): إِنَّ الحَدِيثَ فِي الإِحْرَاقِ عَنِ النَّبِيِّ مَنْ تَخَلَّفَ هُوَ فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ لَا فِي غَيْرِهَا.

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الجَمَاعَةِ سُنَّةٌ، أَنَّهُ حِينَ تَوَعَدَهُمْ بِالإِحْرَاقِ لَمْ يَقُلْ: إِنَّ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا لَا تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ، وَلَوْ كَانَتْ فَرْضًا مَا سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ، لِأَنَّ البَيَانَ مِنْهُ لِأُمَّتِهِ فَرْضٌ عَلَيْهِ.

وَقِيلَ (٢): أُرِيدَ بِهِ الْمُنَافِقُونَ.

وَقِيلَ: بَلْ كَانَ فِي الْمُؤْمِنِينَ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قِصَّةُ كَعْبِ بن مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ، وَبَّخَهُمُ اللهُ بِذَلِكَ، وَلَمْ يُوَبِّخِ الْمُنَافِقِينَ، لأَنَّهُ عَلِمَ سُوءَ طَوِيَّتِهِمْ، وَفَسَادَ دِينِهِمْ.

وَ (العَرْقُ): العَظْمُ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ لَحْمُ، وَقَدْ تَعَرَّقْتَ العَظْمَ، وَاعْتَرَقْتُهُ وَعَرَقْتُهُ: إِذَا أَكَلْتَ مَا عَلَيْهِ.

وَ (العُرَاقُ): العَظْمُ الَّذِي لَا لَحْمَ عَلَيْهِ (٣)، وَرَجُلٌ مَعْرُوقُ الوَجْهٍ، أَيْ:


= لكن قال البيهقي في الكبرى (٣/ ٥٦): "والَّذي تدلُّ علَيهِ سَائِرِ الرِّواياتِ أَنَّه عَبَّر بالجُمُعَة عَنِ الجَمَاعَة، والله أعلم" اهـ.
(١) ينظر: الاستذكار لابن عبد البر (٢/ ١٤٠).
(٢) ضعَّف هذا القول الحافظ ابن رجب في فتحه (٥/ ٤٥٧) فما بعدها.
وقال ابن رجَبٍ في فتح الباري (٥/ ٤٥٨): "وقد كانَ النَّبِيُّ يعْلَمُ نَفَاقَ خَلْقٍ من المنافِقِين، ولا يُعَاقِبُهم على نِفَاقِهم، بلْ يَكِلُ سَرائرَهُم إلى الله، ويُعَامِلُهم مُعَامَلَةَ المُسْلِمِينَ في الظَّاهر … ".
وهَذا الَّذِي ضَعَّفه ابن رجبٍ قوَّاهُ الحافظ ابن حَجَرٍ كما في الفتح (١/ ١٢٧) حيثُ قال: والَّذِي يَظْهَر لي أنَّ الحديث ورَدَ في المنافِقِينَ، لقَوْلِه في صَدْر الحَدِيث الآتي بَعْدَ أَرْبَعَة أَبوابٍ: (لَيْسَ صَلاةٌ أثْقَلَ على المُنَافِقِين مِن العِشَاء والفَجْر)، لَكِنَّ المرادَ به نفاقَ المَعْصِيَة لا نِفَاق الكُفْر".
(٣) من كتاب العين للخليل (١/ ١٥٤)، مقاييس اللغة لابن فارس (٤/ ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>