للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الثَّوْرِيُّ (١)، وَإِسْحَاقُ (٢)، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ (٣): عَلَى الْمَأْمُومِ الإِعَادَةُ إِذَا لَمْ يَنْوِ الإِمَامُ أَنْ يُؤْتَمَّ بِهِ فِي صَلَاتِهِ.

وَقَالَ مَالِكٌ (٤): لَا بَأْسَ أَنْ يَأْتَمَّ بِمَنْ لَمْ يَنْوِ أَنْ يَؤُمَّهُ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِي (٥).

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إِلَى نِيَّةِ الإِمَامَةِ، وَأَنَّ الْمُرَاعَاةَ فِي هَذَا نِيَّةُ الْمَأْمُومِ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَأْمُومًا سَقَطَتْ عَنْهُ القِرَاءَةُ وَالسَّهْرُ، لِأَنَّ الَّذِي قَدْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَحْدَهُ دَخَلَ عَلَى أَنَّهُ تَلْزَمُهُ القِرَاءَةُ وَالسَّهْوُ، وَأَنَّ أَحَدًا لَا يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ، وَالْمَأْمُومُ يَدْخُلُ مُقْتَدِيًا بِغَيْرِهِ، فَالقِرَاءَةُ وَالسَّهْوَ سَاقِطَانِ عَنْهُ، فَهُوَ يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةِ الانْتِمَامِ.

وَلَوْ جَازَ أَنْ يَحْتَاجَ الإِمَامُ إِلَى نِيَّةِ الإِمَامَةِ لَجَازَ أَنْ يُقَالَ: يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُعَيِّنَ فِي صَلَاتِهِ مَنْ يُصَلِّي خَلْفَهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، حَتَّى لَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِمَّنْ لَمْ يَنْوِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَدْخُلَ خَلْفَهُ، فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ النَّبِيَّ نَوَى أَنْ يَؤُمَّ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ، أَوِ ادَّعَى أَنَّ النَّبِيَّ عَمَّنَ النِّسَاءَ اللَّاتِي كُنَّ يُصَلِّينَ خَلْفَهُ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ (٦).


(١) حكاه عنه إسحاق بن منصور الكَوْسَج في مسائل أحمد وإسحاق (٢/ ٧٠٧)، ونقله ابن المنذر في الأوسط (٤/ ٢١١).
(٢) ينظر مسائل أحمد وإسحاق (٢/ ٧٠٧).
(٣) ينظر المصدر السابق والإنصاف للمرداوي (٢/ ٢٧).
(٤) ينظر: المدوَّنة (١/ ٨٦)، والبيان والتحصيل لابن رشد (٢/ ١٢٣)، والتاج والإكليل للعبدري (٢/ ١٢٤).
(٥) ينظر: الأم للشافعي (١/ ١٥٩)، والإقناع للشربيني (١/ ١٦٥)، وروضة الطالبين للنووي (١/ ٣٦٧).
(٦) ينظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (٢/ ٣٣١)، وقد نسبه إلى ابن القَصَّار المالِكيِّ .

<<  <  ج: ص:  >  >>