للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ قَوْمٌ: إِنَّمَا كَانَ يَسْكُتُ عَنِ القِرَاءَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، وَأَمَّا الأُولَيَانِ فَإِنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا، لأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الجَمِيعِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِيمَا يَجْهَرُ بِهِ مِنَ الصَّلَوَاتِ فِي الأُولَيَيْنِ، فَحُكْمُ مَا خَافَتَ فِيهِ حُكْمُ مَا جَهَرَ بِهِ فِي أَنَّ فِي الْأُولَيَيْنِ قِرَاءَةٌ، وَفِي الأُخْرَيَيْنِ لَا يَقْرَأُ، هَذَا قَوْلُ الكُوفِيِّينَ (١).

وَقَالَ أَحْمَدُ (٢)، وَأَهْلُ الحِجَازِ (٣): لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ يَتْرُكُ القِرَاءَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَجْهَرُ فِي بَعْضٍ، وَيُخَافِتُ فِي بَعْضٍ.

وَقَالُوا: قَدْ رُوِيَ عَنِ ابن عَبَّاسٍ خِلَافُ مَا ذُكِرَ عَنْهُ بِإِسْنَادٍ أَصَحَ مِنْ إِسْنَادِ هَذَا الخَبَرِ، وَرُوِيَ عَنْهُ قَالَ: (قَدْ عَلِمْتُ السُّنَّةَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنِّي لَا أَدْرِي أَكَانَ رَسُولُ اللهِ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ أَمْ لَا؟) (٤).

وَرُوِيَ عَنْهُ قَالَ: (اقْرَأْ خَلْفَ الإِمَامِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ) (٥)، قِيلَ: فَإِذَا كَانَ الْمَأْمُومُ يَقْرَأُ فَالإِمَامُ أَحْرَى بِذَلِكَ.

وَحَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ وَخَبَّابٍ نَصٌّ فِي البَابِ، وَقَدْ حَضَرَا قِرَاءَةَ النَّبِيِّ ،


(١) كتاب لأصل لمحمد بن الحسن (١/ ٤)، والهداية للمرغيناني (١/ ٧٣).
(٢) مسائل أحمد لأبي داود (ص: ٣٢)، ومسائل أحمد لابن هانئ (١/ ٥١).
(٣) المدونة (١/ ٦٥).
(٤) أخرجه أحمد في المسند (١/ ٢٤٩)، وأبو داود (رقم: ٨٠٩)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٢٠٥) من طرق عن هُشَيْمٍ عن حُصَيْن عن عِكْرِمَة عن ابن عباس به نحوه، ولفظه: (حَفِظت السُّنَّة كُلّها .. ).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ٣٢٣): "رواه أحمد، ورِجَالُه رِجَالُ الصَّحِيح".
(٥) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٢٠٦) من طريق عَلِيِّ بن شَيْبَة ثنا يَزِيدُ بنُ هَارُون عَن إِسْماعيلَ بن أبي خَالِدٍ عن العَيْزَارِ بن حُرَيْثٍ عن ابن عَبَّاسٍ به. ورِجَالُه ثِقَاتٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>