للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخْتَصُّ بِالجَبْهَةِ دُونَ الأَنْفِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: ذِكْرُ الوَجْهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَيُّ شَيْءٍ وَضَعَ مِنْهُ أَجْزَأَهُ، فَإِذَنْ جَازَ الاقْتِصَارُ عَلَى الأَنْفِ دُونَ الجَبْهَةِ، لأَنَّهُ إِذَا سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ فَقَدْ سَجَدَ عَلَى وَجْهِهِ، كَمَا إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى جَبْهَتِهِ. وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ : (حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ المَاءِ وَالطِّينِ عَلَى جَبْهَةِ رَسُولِ اللهِ وَأَرْنَبَتِهِ) (١)، وَهُوَ فِي البَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا، وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَوْجَبَ السُّجُودَ عَلَى الأَنْفِ وَالجَبْهَةِ، وَقَالُوا: هَذَا الحَدِيثُ مُفَسِّرٌ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ .

وَحُجَّةُ القَوْلِ الأَوَّلِ: أَنَّ الأَحَادِيثَ إِنَّمَا ذُكِرَ فِيهَا الجَبْهَةُ وَلَمْ يُذْكَرِ الأَنْفُ، فَدَلَّ أَنَّ الجَبْهَةَ تُجْزِئُ.

قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ (٢): وَجَدْنَا التَّابِعِينَ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ السُّجُودَ عَلَى الجَبْهَةِ وَالأَنْفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ الاقْتِصَارَ عَلَى الجَبْهَةِ، فَمَنْ جَوَّزَ الاقْتِصَارَ عَلَى الأَنْفِ دُونَ الجَبْهَةِ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ إِجْمَاعِهِمْ.

وَقَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ الَّذِي عَلَّمَهُ: (مَكِّنْ جَبْهَتَكَ مِنَ الْأَرْضِ) (٣)، فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُهُ:


(١) حديث (رقم ٨١٣).
(٢) هو ابن القَصَّار ، وكلامه في شرح ابن بطال (٢/ ٤٣٢).
(٣) أخرجه البزار في مسنده (٢/ ٨)، وابن حِبَّان في صحيحه كما في الإحسان (٥/ ٢٠٥ - ٢٠٦)، والبيهقي في دلائل النبوة (٦/ ٢٩٤) كلهم من طريق يحيى بن عبدِ الرحمن الأَرْحَبي، عن عُبَيْدَةَ بن الأسود، عن القَاسِمِ بن الوليد، عن سنان بن الحارِثِ بن مُصَرِّف، عن طلحة بن مُصَرِّف، عن مجاهدٍ عن ابن عمر به مطولا، قال البزار: قد رُوي هذا الحديث من وُجُوهِ، ولا نَعْلَم لَهُ أحْسَنَ مِنْ هذَا الطَّريق.=

<<  <  ج: ص:  >  >>