للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخُمُسَ مِنَ الْمَغْنَمِ) (١)، فَجَعَلَ هَذِهِ الأَعْمَالَ كُلَّهَا إِيمَانًا، وَذَلِكَ بَيِّنٌ [أَنَّ] الإِسْلَامَ مِنَ الإِيمَانِ، وَأَنَّ العَمَلَ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ هَذَا الاسْمِ (٢).

وهذا صَرِيحٌ فِي تَفْرِيقِهِ بَيْنَهُمَا.

وتَقَدَّمَ قَرِيبًا اسْتِشْهَادُ شَيْخِ الإِسْلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ بِكَلامِ قِوَامِ السُّنَّةِ وَابْنِهِ أَبِي عَبْدِ اللهِ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُسَمَّيَيْنِ، وَثَنَاؤُهُ عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ.

وَالحَقُّ أَنَّ ابْنَ التَّيْمِيِّ أَفَاضَ فِي التَّفْصِيلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الجُزْءِ الَّذِي تَوَلَّى شَرْحَهُ مِنْ صَحِيحِ البُخَارِيِّ، وَأَرَى مِنَ الْمُنَاسِبِ هُنَا إِبْرَادَ كَلَامِهِ كَامِلًا لِنَفَاسَتِهِ.

يَقُولُ : وَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِسْلَامِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ : (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُو مُؤْمِنٌ) الخَبَرَ.

قَالَ أَهْلُ العِلْمِ فِي هَذَا قَولَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ قَالُوا: أَرَادَ نَفْيَ كَمَالِ الإِيمَانِ، كَمَا يُقَالُ: لَا فَتىً إِلَّا عَلِيٌّ، وَلَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الفَقَارِ، وَلَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ.

وَيُرَادُ بِهِ نَفْيُّ الوَصْفِ، لَا نَفْيُّ الأَصْلِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا زَنَا خَرَجَ مِنَ الإِيمَانِ الَّذِي هُوَ أَخَصُّ وَأَضْيقُ، إِلَى الإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ وَأَوْسَعُ.


(١) أخرجه البخاري (رقم: ٨٧).
(٢) ينظر (٢/ ١١٥) من قسم التحقيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>