للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْوِ رَسُولُ اللهِ الإِقَامَةَ بِمَكَّةَ وَلَا بِمِنًى.

قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ (١): إِنَّ عُثْمَانَ (٢)، وَعَائِشَةَ (٣) إِنَّمَا أَتَمَّا فِي السَّفَرِ لأَنَّهُمَا اعْتَقَدَا فِي قَصْرِ النَّبِيِّ لَمَّا خُيِّرَ بَيْنَ القَصْرِ وَالإِتمَامِ اخْتَارَ الأَيْسَرَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أُمَتِّهِ.

قَالَتْ عَائِشَةُ : (مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ فِي أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا) (٤).

فَأَخَذَتْ هِيَ وَعُثْمَانُ فِي أَنْفُسِهِمَا بِالشِّدَّةِ، وَتَرْكِ الرُّخصَةِ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ مُبَاحًا لَهُمَا فِي حُكْمِ التَخْيِيرِ فِيمَا أَذِنَ اللهُ تَعَالَى فِيهِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إِنْكَارُ (٥) ابْنِ مَسْعُودٍ الإِتمَامَ عَلَى عُثْمَانَ، ثُمَّ صَلَّى خَلْفَهُ، فَكُلِّمَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: (الخِلَافُ شَرٌّ) (٦)، وَلَوْ كَانَ القَصْرُ فَرْضًا لَمْ يَخْفَ عَلَى عُثْمَانَ ، وَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُتِمَّ، وَلَا أَتَمَّ خَلْفَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَلَا جَمَاعَةُ الصَّحَابَةِ ، وَإِنَّمَا جَازَ لَهُمُ اتِّبَاعَهُ لِعِلْمِهِمْ


(١) ينظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (٣/ ٧٢).
(٢) حديث رقم: (١٠٨٤).
(٣) أخرجه البخاري (رقم: ١٠٩٠) ومسلم (رقم: ٦٨٥).
(٤) أخرجه البخاري (رقم: (٦٧٨٦) ومسلم (رقم: ٢٣٢٧) من حديث عائشة .
(٥) في المخطوط: (إذا كان) وهو تَصْحِيفٌ، وينظر: شرح ابن بطال (٣/ ٧٣).
(٦) أخرجه أبو داود (رقم ١٩٦٢)، وابن أبي شيبة في المصنف (٣/ ٦٧٨)، والبيهقي في الكبرى (٣/ ١٤٣ و ١٤٤)، وأبو عوانة في المستخرج (٢/ ٣٨٢) من طريق الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن يَزْيد قال: صَلَّى عثمان بمنى أربعًا فذكره.
وفيه: قال الأَعْمَشُ: فَحَدَّثَنِي مُعَاوِية بنُ قُرَّةَ عن أَشْيَاخِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ صَلَّى أَرْبَعًا، فَقِيلَ لَهُ: عِبْتَ عَلَى عُثْمَانَ ثُمَّ صَلَّيْتَ أَرْبَعًا؟ قَالَ: (الخِلافُ سَرٌّ).

<<  <  ج: ص:  >  >>