للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ (١): قَدِمَ النَّبِيُّ مَكَّةَ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، فَأَقَامَ اليَوْمَ الرَّابِعَ وَالخَامِسَ وَالسَادِسَ وَالسَّابِعَ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلَّهِ يُقْصَرُ الصَّلَاةَ، ثُمَّ خَرَجَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ إِلَى مِنى، وَهُوَ اليَوْمُ الثَّامِنُ، فَلَمْ يَزَلْ مُسَافِرًا فِي الْمَنَاسِكِ إِلَى أَنْ تَمَّ حَجَّهُ.

فَجَعَلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ يُقْصُرُ فِيهَا الصَّلَاةَ إِذَا نَوَى إِقَامَتَهَا، وَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ حَضَرٌ يُتِمُّ فِيهِ الصَّلَاةَ، وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاس (٢).

وَذَهَبَ مَالِكٌ (٣)، وَالشَّافِعِيُّ (٤) إِلَى أَنَّهُ مَنْ عَزَمَ عَلَى إِقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا أَنَّهُ يُتِمُّ الصَّلَاةَ وَلَا يَقْصُرُ.

وَبَيَانُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ فِي حَدِيثِ ابن عَبَّاسٍ مَعَ الحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ أَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ كَانَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَفِي ذَلِكَ بَيَانُ أَنَّ مُقَامَ النَّبِيِّ بِمَكَّةَ فِي حَجَّتِهِ كَانَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ كَمَا قَالَ أَنَسٌ فِي حَدِيثِهِ. وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ قَدِمَ مَكَّةَ صَبِيحَةَ يَوْمِ الأَحَدِ، وَاسْتَهَلَّ ذُو الحِجَّةِ ذَلِكَ العَامَ لَيْلَةَ الخَمِيسِ، فَأَقَامَ النَّبِيُّ يَوْمَ الأَحَدِ وَالاثْنَينِ وَالثَّلَاثَاءِ وَالأَرْبِعَاءِ، وَلَيْلَةَ الخَمِيسِ، ثُمَّ نَهَضَ يَوْمَ الخَمِيسِ [ضَحْوَةً إِلَى مِنى، فَأَقَامَ بِهَا بَاقِيَ نَهَارِهِ وَلَيْلَةَ الجُمُعَةِ، ثُمَّ نَهَضَ] (٥)


(١) ينظر: مسائل أحمد لأبي داود (ص: ٧٤ - ٧٥)، ومسائل أحمد رواية أبي الفضل (ص: ١٣٨).
(٢) حديث (رقم: ١٠٨٥).
(٣) ينظر: الموطأ لمالك - رواية الليثي - (١/ ١٤٩)، المدونة (١/ ١١٤ - ١١٥)، التفريع لابن الجلاب (١/ ٢٥٨).
(٤) الأم للشافعي (١/ ١٨٦)، روضة الطالبين للنووي (١/ ٣٨٤)، حلية العلماء للقفال (٢/ ١٩٩).
(٥) زيادَةٌ مِنْ شَرْحِ ابن بَطَّال (٣/ ٧٦) يَقْتَضِيهَا سِيَاقُ الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>