للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُجْزِئُهُ، وَعَلَيْهِ إِعَادَتُهَا، فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ نِصْفُ أَجْرٍ صَلَاةِ القَائِمِ؟!

فَإِذَا عَجَزَ عَنِ القِيَام فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ القِيَامِ، وَانْتَقَلَ فَرْضُهُ إِلَى الجُلُوسِ، فَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَلَيْسَ المُصَلِّي قَائِمًا أَفْضَلَ مِنْهُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: (مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَاعِدِ) فَلَا يَصِحُّ مَعْنَاهُ، لأَنَّ النَّافِلَةَ لَا يُصَلِّيهَا القَادِرُ عَلَى القِيَامِ إِيمَاءً، وَإِنَّمَا دَخَلَ الوَهَمُ عَلَى نَاقِلِ هَذَا الحَدِيثِ، فَأَدْخَلَ مَعْنَى الفَرْضِ فِي مَعْنَى النَّافِلَةِ، أَلَا تَرَى قَوْلَهُ: (كَانَ مَبْسُورًا) وَهَذَا يَدُلُّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ عَلَى أَكْثَرَ مِمَّا أَدَّى بِهِ فَرْضَهُ، وَهَذِهِ صِفَةُ صَلَاةِ الفَرْضِ.

وَرِوَايَةُ عَبْدِ الْوَارِثِ وَرَوْحٍ عَنْ حُسَيْنٍ (١) تُخَالِفُ الأُصُولَ، وَالَّذِي يُوَافِقُ الأُصُولَ رِوَايَةُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ (٢).

قِيلَ: (٣): غَلِطَ النَّسَائِيُّ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ، فَقَالَ في التَّرْجَمَةِ (وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا) (٤)، وَإِنَّمَا هُوَ: وَمَنْ صَلَّى بِإِيمَاءِ، لأَنَّ النَّائِمَ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ (٥)، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ: (نَائِمًا): مُضْطَجِعًا، يُقَالُ: نَامَ إِذَا اضْطَجَعَ.

قَالَ أَهْلُ العِلْمِ (٦): [الصَّلَاةُ] (٧) لَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:


(١) حديث (رقم: ١١١٥).
(٢) حديث (رقم: ١١١٧).
(٣) ينظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (٣/ ١٠٣).
(٤) سنن النسائي (رقم: ١٦٦٠).
(٥) رَدَّ قولَ ابن بَطّالٍ هذا الإمامُ ابن رُشَيْدٍ السَّبْتيُّ في كتابه "تُرْجُمَانِ التَّراجم"، والحافِظُ العِرَاقِيُّ في شَرْحه لجَامِعِ التِّرْمِذِيّ، ويُنْظَرُ كَلامُهُمَا في فتح الباري لابن حجر (٢/ ٥٨٧).
(٦) ينظر: شرح ابن بطال (٣/ ١٠٣).
(٧) سَاقِطَةٌ مِنَ المخطُوط، والاسْتِدْرَاكُ مِن المَصْدَرِ السَّابِق.

<<  <  ج: ص:  >  >>