للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وَاللهُ أَعْلَمُ - مِنْ أَجْلِ قَوْلِ الْمَلَكِ الآخَرِ: (لَمْ تُرَعْ) أَيْ: لَمْ تُعْرَضَ عَلَيْكَ لِأَنَّكَ مُسْتَحِقُّهَا، إِنَّمَا ذُكَّرْتَ بِهَا، ثُمَ نَظَرَ النَّبِيُّ فِي أَحْوَالِ عَبْدِ اللَّهِ، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يَغْفَلُ عَنْهُ مِنَ الفَرَائِضِ فَيُذَكَّرُ بِالنَّارِ، وَعَلِمَ مَبِيتَهُ فِي المَسْجِدِ فَعَبَّرَ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ مُنَبه عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ فِيهِ بِالقُرْآنِ، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ رَأَى الَّذِي عَلَّمَهُ القُرْآنَ وَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ يُشْدَخُ رَأْسُهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ (١).

وَقَوْلُهُ: (لَمْ تُرَعْ) أَيْ: لَا رَوْعَ عَلَيْكَ وَلَا فَزَعَ، وَفِي الحَدِيثِ: (لَنْ تُراعُوا) (٢) يُقَالُ: رِيعَ فُلَانٌ إِذَا فَزِعَ.

* وَفِي حَدِيثِ ابن عَبَّاسٍ : (إِذَا شَمِطَ الإِنْسَانُ فِي عَارِضَيْهِ فَذَلِكَ الرَّوْعُ) (٣) أَيْ: الإِنْذارُ بِالمَوْتِ، قَالَ رُؤْبَةُ (٤): رَاعَكَ، وَالشِّيبُ قِنَاعُ المَوْتِ.

وَالقِنَاعُ: مَا يُسْتَرُ بِهِ الشَّيْءُ.

وَفِي القُرْآنِ: ﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ﴾ (٥) يَعْنِي الفَزَعَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَأْكُلُوا مِنَ العِجْل.

وَكَتَبَ مُعَاوِيَة إِلَى زِيَادٍ: (أَفْرِخْ رُوعَكَ أَبَا المُغِيرَةِ) (٦)، يَقُولُ: لَا تَفْزَعْ،


(١) أخرجه البخاري (رقم: ١٣٨٦) من حديثِ سَمُرَة بن جُنْدُبٍ .
(٢) أخرجه البخاري (رقم: ٦٠٣٣).
(٣) لم أقف عليه مسندا، والحديث ذكره الهروي في الغريبين (٣/ ٧٩٣)، وابن الجوزي في غريب الحديث (١/ ٤٢١)، وابن الأثير في النهاية في غريب الحديث (٢/ ٢٧٧).
(٤) ينظر: الغريبين للهروي (٣/ ٧٩٢).
(٥) سورة هود، الآية (٧٤).
(٦) ذكره الهروي في الغريبين (٣/ ٧٩٢)، وابن الجوزي في غريب الحديث (١/ ٤٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>