للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُهُ: (أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ) كَقَوْلِ بِلَالٍ: (أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ) (١)،

وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾ (٢)، أَيْ: إِنَّ نَفْسَ النَّائِمِ مُمْسَكَةٌ بِيَدِ اللَّهِ، وَأَنَّهَا فِي اليَقَظَةِ مُرْسَلَةٌ إِلَى جَسَدِهَا، وَقَدْ قَنَعَ النَّبِيُّ بِهَذَا العُذْرِ فِي النَّافِلَةِ، وَلَا يَقْنَعُ بِمِثْلِ هَذَا فِي الفَرِيضَةِ.

وَقَوْلُهُ: (مَاذَا أَنْزَلَ اللهُ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتَنِ وَمَاذَا أَنْزَلَ مِنَ الخَزَائِنِ) أَعْلَمَهُ اللهُ بِالوَحْيِ أَنَّهُ يَفْتَحُ عَلَى أُمَّتِهِ الخَزَائِنَ، وَعَرَّفَهُ أَنَّ الْفِتَنَ مَقْرُونَةٌ بِهَا، مَخُوفَةٌ عَلَى مَنْ فُتِحَتْ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ أَثَرَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ القِلَّةَ عَلَى الغِنَى وَالثَّرْوَةِ خَوْفَ التَعَرُّضِ لِفِتْنَةِ المَالِ، وَقَدِ اسْتَعَاذَ النَّبِيُّ مِنْ فِتْنَةِ الفَقْرِ.

وَقَوْلُهُ: (مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الحُجُرَاتِ) يُرِيدُ أَزْوَاجَهُ، أَيْ: مَنْ يُوقِظُهُنَّ لِصَلَاةِ اللَّيْلِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ تُنَجِّي مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ، وَيُعْتَصَمُ بِهَا مِنَ الْمِحَنِ.

وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ: (يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٌ فِي الْآخِرَةِ) زَجْرٌ عَنْ لِبَاسِ رَقِيقِ الثِّيَابِ.

* وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ دَلِيلٌ أَنَّ قِيَامَ رَمَضَانَ بِإِمَامٍ وَمَأْمُومِينَ سُنَّةٌ، لأَنَّهُ ائتَمَّ بِهِ نَاسٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهَا سُنَّةُ عُمَرَ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ أَفْرَادًا؛ فَأَرَادَ عُمَرُ التَّخْفِيفَ عَنْهُمْ، فَجَمَعَهُمْ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ يَكْفِيهِمُ القِرَاءَةَ، وَيُفَرِّغُهُمْ لِلتَّدَبُّرِ.


(١) أخرجه مسلم (رقم: ٦٨٠).
(٢) سورة الزمر، الآية (٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>