للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ لَمْ يُسَلِّمْ فِيهِنَّ، ثُمَّ انْصَرَفَ.

وَهَذَا التَّأْوِيلُ لَا يَدْفَعُ صَلَاةَ الضُّحَى لِتَوَاتُرِ الرِّوَايَاتِ بِهَا عَنِ النَّبِيِّ وَفِعْلِ السَّلَفِ بَعْدَهُ.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِي (١): كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُحَافِظُوا عَلَيْهَا كَالمَكْتُوبَةِ، فَيُصَلُّون وَيَدَعُونَ.

وَقَالَ سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ (٢): إِنِّي أَدَعُ صَلَاةَ الضُّحَى وَأَنَا أَشْتَهِيهَا مَخَافَةَ أَنْ أَرَاهَا حَتْمًا عَلَيَّ.

وَلَيْسَ فِي قَوْلِ مَنْ نَفَى صَلَاةَ الضُّحَى، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عَائِشَةَ : (مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ يُسَبِّحُ سُبْحَةَ الضُّحَى) (٣) حُجَّةٌ، لأَنَّهَا أَخْبَرَتْ بِمَا عَلِمَتْ، وَصَدَقَتْ، وَأَخْبَرَ غَيْرُهَا بِمَا عَلِمَ فَصَدَقَ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِمُضَادٍّ لِمَا خَالَفَهُ، لأَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَمْ أُصَلِّهَا وَلَا أُصَلِّيهَا، وَإِذَا أَمْكَنَ الجَمْعُ بَيْنَ أَحَادِيثِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا، بِحَمْلِ قَوْلِهَا: (مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يُسَبِّحُ سُبْحَةَ الضُّحَى) (٤) يَعْنِي: مُعْلِنًا بِهَا، لأَنَّهُ [يَجُوزُ] (٥) أَنْ يُصَلِّيهَا بِحَيْثُ لَا تَرَاهُ، وَكَانَ


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ٤٠٧) من طريقين عن إبراهيم النخعي، ورجَالُه ثِقَاتٌ.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ٤٠٦)، وفي سَنَدِه شَرِيكُ القَاضِي، وهو صَدُوقٌ يُخْطِئ كَثِيرًا، ساءَ حِفْظُهُ بَعْدَ وِلايَتِه القَضَاء كما في تقريب التهذيب.
(٣) حديث (رقم: ١١٧٧).
(٤) حديث (رقم: ١١٧٧).
(٥) في المخطوط: (لا يجوز)، والمثبت من شرح ابن بطال (٣/ ١٧٠)، وهو الصواب الموافق لسياق الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>