للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ نَقَلَ فَضْلًا مَاتِعًا عَنِ الإِمَامِ أَبِي عُثْمَانَ الصَّابُونِي فِي كِتَابِهِ: "عَقِيدَةُ السَّلَفِ وَأَصْحَابِ الحَدِيثِ"، بَيَّنَ فِيهِ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَحَذَرَ فِيهِ مِنْ سُلُوكِ طَرِيقِ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالبِدْعَةِ فِي أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ.

قَالَ (١): "إِنَّ أَصْحَابَ الحَدِيثِ حَفِظَ اللَّهُ أَحْيَاءَهُمْ، وَرَحِمَ أَمْوَاتَهُمْ، يَشْهَدُونَ اللهِ بِالوَحْدَانِيَّةِ، وَلِلرَّسُولِ بِالرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ، وَيَعْرِفُونَ رَبَّهُمْ بِصِفَاتِهِ الَّتِي نَطَقَ بِهَا وَحْيُهُ وَتَنْزِيلُهُ، أَوْ شَهِدَ لَهُ بِهَا رَسُولُهُ ، عَلَى مَا وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ الصِّحَاحُ بِهِ، وَنَقَلَتِ العُدُولُ الثِّقَاتُ عَنْهُ، يُثْبِتُونَ لَهُ الله جلا جلاله مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ ، وَلَا يَعْتَقِدُونَ تَشْبِيهًا لِصِفَاتِهِ بِصِفَاتِ خَلْقِهِ، يَقُولُونَ: إِنَّهُ خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ، كَمَا نَصَّ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ ﷿ مِنْ قَائِلٍ: ﴿قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ (٢)، وَلَا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، بِحَمْلِ اليَدَيْنِ عَلَى النِّعْمَتَيْنِ، أَوِ القُوَّتَيْنِ، تَحْرِيفَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَالجَهْمِيَّةِ أَهْلَكَهُمْ اللَّهُ، وَتَشْبِيهِهَا بِأَيْدِي الْمَخْلُوقِينَ، تَشْبِيهَ الْمُشَبِّهَةِ خَذَلَهُمُ الله.

وَقَدْ أَعَاذَ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَ السُّنَّةِ مِنَ التَّحْرِيفِ وَالتَّشْبِيهِ وَالتَّكْيِيفِ، وَمَنَّ عَلَيْهِمْ بِالتَّعْرِيفِ وَالتَّفْهِيمِ، حَتَّى سَلَكُوا سَبِيلَ التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ، وَتَرَكُوا القَوْلَ بِالتَّعْطِيلِ وَالتَّشْبِيهِ، وَاتَّبَعُوا قَوْلَ اللهِ ﷿: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (٣)، وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ الَّتِي نَزَلَ بِذِكْرِهَا الْقُرْآنُ، وَوَرَدَتْ بِهَا الْأَخْبَارُ


(١) ينظر: (٤/ ٦٢٠ - ٦٢١) من قسم التَّحقيق، والكَلامُ بِطُولِه في كتابِ أبي عُثْمان الصَّابوني: "عقيدةُ السَّلف وأَصْحابِ الحدِيث" (ص: ١٦٠ - ١٦١ - ١٦٢).
(٢) سورة ص، (الآية: ٧٥).
(٣) سورة الشورى، الآية: (١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>