للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ جَمَاعَةً لِصَلَاةٍ وَلَا غَيْرِهَا إِلَّا عَنْ رِضَى الجَمَاعَةِ، لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ : (نَعَمْ إِنْ شِئْتُمْ)، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ أَفْضَلُهُمْ بَعْدَ رَسُولِ الله .

وَفِيهِ: أَنَّ الإِقَامَةَ إِلَى الْمُؤَذِّنِ، وَهُوَ أَوْلَى بِهَا.

وَقَالَ مَالِكٌ (١)، وَالكُوفِيُّونَ (٢): لَا بَأْسَ بِأَذَانِ الْمُؤَذِّنِ وَإِقَامَةِ غَيْرِهِ.

وَقَوْلُهُ: (مَا لِي أَرَاكُمْ أَكْثَرْتُمُ التَّصْفِيقَ، مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ)، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّسْبِيحَ جَائِزٌ عِنْدَمَا يَنْزِلُ بِهِمْ مِنْ حَاجَةٍ تَنُوبُهُمْ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ (٣)، وَمَالِكٌ (٤) أَنَّ مَنْ سَبَّحَ فِي صَلَاتِهِ لِشَيْءٍ يَنُوبُهُ فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ صَلَاتَهُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٥): إِنْ سَبَّحَ أَوْ حَمِدَ الله جَوَابًا لإِنْسَانٍ فَهُوَ كَلَامٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُ ابْتِدَاءً لَمْ يَقْطَعْ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، لَيْسَ بِكَلَامٍ.

وَقَوْلُ النَّبِيِّ : (إِذَا سَبَّحَ الْتَفَتَ إِلَيْهِ)، فَهِمَ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ


(١) ينظر: المدونة (١/ ٥٩)، التفريع لابن الجلاب (١/ ٢٢١)، المعونة للقاضي عبد الوهاب (١/ ١٥٠).
(٢) ينظر: شرح معاني الآثار (١/ ١٤٢)، وكتاب الأصل لمحمد بن الحسن (١/ ١٣١).
قُلْتُ: أما حديثُ (من أذن فهو يقيم) فهو حديثٌ مُنْكَرٌ كما قالَ ابن أبي حَاتم في العلل (١/ ٣٦٦)، لكن قال الترمذيُّ في جامعه (١/ ٢٤١): "والعَمَلُ على هَذَا عِنْد أَكْثَر أَهْلِ العِلْم: أنَّ مَنْ أَذَّنَ فَهُو يُقيم".
(٣) ينظر: الأم للشافعي (١/ ١٢٥)، والحاوي الكبير للماوردي (٢/ ١٦٢ - ١٦٣)، وروضة الطالبين للنووي (١/ ٢٩١).
(٤) المدونة (١/ ٩٨)، البيان والتحصيل لابن رشد (٢/ ١٢١).
(٥) شرح فتح القدير لابن الهمام (١/ ٣٤٦ - ٣٤٧)، حاشية ابن عابدين (١/ ٦٢٠ - ٦٢١)، والهداية للمرغيناني (١/ ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>