للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُهُ هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَرَّرَهُ أَهْلُ الحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ، وَهُوَ القَوْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ عَامَّةُ أَهْلِ الحَدِيثِ وَالأَثَرِ، وَحُكِي فِيهِ الإِجْمَاعُ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَقَدْ نُقِلَ تَصْرِيحًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ تِلْمِيذِ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، وَالبُخَارِيَّ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَأَبِي نَصْرٍ السِّجْزِيِّ، وَشَيْخِ الإِسْلَامِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ الهَرَوِيِّ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيِّ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ جَمِيعًا (١).

فَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى: "رُوِيَ فِي إِثْبَاتِ الحَرْفِ وَالصَّوْتِ أَحَادِيثُ تَزِيدُ عَنْ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا؛ بَعْضُهَا صِحَاحٌ، وَبَعْضُهَا حِسَانٌ" (٢).

وَهَذَا الإِمَامُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ قَالَ: "سَأَلْتُ أَبِي عَنْ قَوْمٍ يَقُولُونَ: لَمَّا كَلَّمَ اللهُ ﷿ مُوسَى لَمْ يَتَكَلَّمْ بِصَوْتٍ فَقَالَ: بَلَى، إِنَّ رَبَّكَ ﷿ تَكَلَّمَ بِصَوْتٍ، هَذِهِ الأَحَادِيثُ نَرْوِيهَا كَمَا جَاءَتْ" (٣).

وَقَالَ البُخَارِيُّ : "وَإِنَّ الله ﷿ يُنَادِي بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ ومَنْ قَرُبَ، فَلَيْسَ هَذَا لِغَيْرِ اللهِ ﷿ ذِكْرُهُ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ أَنَّ صَوْتَ اللهِ لَا يُشْبِهُ وأَصْوَاتَ الخَلْقِ، لأَنَّ صَوْتَ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ يُسْمَعُ مِنْ بُعْدٍ كَمَا يُسْمَعُ مِنْ قُرْبٍ، وَأَنَّ المَلَائِكَةَ يُصْعَقُونَ مِنْ صَوْتِهِ … " (٤).

وَحَكَى السِّجْزِيُّ إِجْمَاعَ الأُمَّةِ عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللهِ بِصَوْتٍ وَحَرْفٍ قَبْلَ ظُهُورِ


(١) مختصر الصواعق المرسلة (٤/ ١٣٨٩ - ١٣٩٣).
(٢) توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم، أحمد بن عيسى (١/ ٢٢٩).
(٣) السنة لعبد الله بن أحمد (١/ ٢٨٠).
(٤) خلق أفعال العباد، للبخاري (ص: ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>