للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لَيْسَ ذَلِكَ بِخِلَافٍ فِي الحَقِيقَةِ، فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يُقُلْ: رَآهُ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ" (١).

وَقَالَ فِي مَوْطِنٍ آخَرَ: "وَلَيْسَ فِي الأَدِلَّةِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنِهِ، وَلَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَا فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، بَلِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ عَلَى نَفْيِهِ أَدَلُّ، كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ: (نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ) " (٢).

وَالنَّظَرُ الصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُؤَيِّدُ هَذَا الاخْتِيَارَ، فَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُطْلَقُ عَلَى الرِّوَايَاتِ الْمُقَيِّدَةِ.

وَعُمُومًا؛ فَإِنَّ اخْتِيَارَ الإِمَامِ قِوَامِ السُّنَّةِ التَّيْمِيُّ مَعْدُودٌ فِي مَقَالَاتِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَقَدْ سَبَقَهُ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَئِمَّةِ، مِنْهُمْ:

١ - الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ (ت: ٢٤١ هـ) فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، حَكَاهَا عَنْهُ القَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي كِتَابِهِ "الرَّوَايَتَيْنِ وَالوَجْهَيْنِ" (٣).

٢ - وَالإِمَامُ ابْنُ خُزَيْمَةَ (ت: ٣١١ هـ) ، حَيْثُ انْتَصَرَ لِهَذَا القَوْلِ فِي كِتَابِهِ التَّوْحِيدِ، وَأَطَالَ فِي سَرْدِ الأَدِلَّةِ الْمُؤَيِّدَةِ لَهُ (٤).

٣ - وَالإِمَامُ أَبُو الحَسَنِ الأَشْعَرِيُّ (ت: ٣٢٤ هـ) فِيمَا نَسَبَهُ لَهُ كَثِيرٌ مِنَ


(١) نقله عنه تلميذه ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم (ص: ٢٢)، وبنحوه في زاد المعاد (٣/ ٣٣ - ٣٤).
(٢) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٦/ ٥٠٩ - ٥١٠).
(٣) المسائل العقدية من كتاب الروايتين والوجهين للقاضي أبي يعلى (ص: ٦٥).
(٤) كتاب التوحيد لابن خزيمة (٢/ ٤٧٧ - ٥٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>