للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَرَضُ البُخَارِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ: (فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ) مُبْهَمٌ يَقْتَضِي أَنْ يَجِبَ العُشُرُ فِي قَلِيلِ ذَلِكَ وَكَثِيرِهِ، وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ مُفَسِّرٌ لِذَلِكَ، لِأَنَّهُ بَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ.

وَقَوْلُهُ: (أَوْ كَانَ عَثَريًا) العَثَرِيُّ: هِيَ الأَشْجَارُ الَّتِي تَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ مُجْتَمِعٍ مِنَ المَطَرِ فِي الحُفَرِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّ المَاشِيَ يَتَعَمَّرُ فِيهِ (١).

قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ (٢): العَاثُورُ: شِبْهُ نَهْرٍ يُحْفَرُ فِي الْأَرْضِ يُسْقَى بِهِ البَعْلُ مِنَ النَّخِيلِ، يُقَالُ: وَقَعَ فُلَانٌ فِي عَاثُورِ شَرٌّ: إِذَا وَقَعَ فِي مَهْلَكَةٍ.

قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِي (٣): لَا تَجِبُّ الزَّكَاةُ فِي الحَبِّ وَلَا الثِّمَارِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَالوَسْقُ: سِتُونَ صَاعًا، وَالصَّاعُ: أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ، وَالْمُدُّ: رَطْلٌ وَثُلُثٌ، فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ أَلفًا وَسِتَّمِائَةِ رَطْلٍ وَجَبَ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنَّمَا اعْتُبِرَ بِهِ النِّصَابُ [ ..... ] (٤).

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٥): تَجِبُ فِي القَلِيلِ وَالكَثِيرٍ، وَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ: (مَا سَقَتِ


(١) نقلَ هَذا الْمعنى عن قِوَامِ السُّنَّة العَلامةُ البرْمَاوِيُّ في اللامع الصبيح (٥/ ٤٦٢)، ونَسَبه له.
(٢) ينظر: تهذيب اللغة للأزهري (٢/ ١٩٥)، وصحاح اللغة للجوهري (٣/ ٣٠٠)، مقاييس اللغة لابن فارس (٤/ ٢٢٨). والبَعل: النَّخْلِ الَّذِي يَشْرَب بِعُرُوقِه، فَيَسْتَغني عن السَّقي، كما في تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي (ص: ١٩٦).
(٣) ينظر: الأم للشافعي (٢/ ٣٢)، والإقناع للماوردي (ص: ٦٤)، وروضة الطالبين للنووي (٢/ ٢٣٣).
(٤) ما بين المعقوفتين مخروم من المخطوط.
(٥) ينظر: الأصل لمحمد بن الحسن (١/ ١٦٣)، مختصر الطحاوي (ص: ٤٦)، بدائع الصنائع للكاساني (٢/ ٩٣٨) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>