للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العُمْرَةِ وَأَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِالحَجِّ أَنْ يُحْرِمَ بِهِ فِي يَوْمِ التَّرْوِيَّةِ بَعْدَ الظَّهْرِ، لأَنَّ النَّبِيَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ يَوْمَ التَّرْوِيَّةِ بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مِنَ العُمْرَةِ: (مَنْ أَرَادَ الحَجَّ فَلْيُهِلَّ) (١).

قَالُوا: وَالْمُتَمَتِّعُ إِذَا فَرَغَ مِنْ أَعْمَالِ الحَجِّ فَيَحِلُّ مِنْهَا جَمِيعًا.

وَأَمَّا الكَلَامُ فِي فَسْخِ النَّبِيِّ الحَجَّ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ (٢): أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَسْخًا، وَإِنَّمَا كَانَ قَدْ أَحْرَمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ إِحْرَامًا مَوْقُوفًا لا بِحَجٍّ وَلَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ أَمَرَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ عُمْرَةً، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَ حَجًّا.

وَرُوِيَ فِيهِ خَبَرٌ عَنِ ابن طَاوُوسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: (أَحْرَمَ رَسُولُ اللهِ إِحْرَامًا مَوْقُوفًا لَا بِحَجٍّ وَلَا بِعُمْرَةٍ، فَلَمَّا صَارَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَقَفَ يَنْتَظِرُ القَضَاءَ، فَنَزَلَ القَضَاءُ، فَصَرَفَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ) (٣)، لِأَنَّ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا تَحَلَّلَ يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَذْبَحَ، فَكَانَ يَذْبَحُ فِي مَكَّةَ، فَيَصِيرِ سُنَّةَ الذَّبْحِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى


(١) لم أقف عليه بهذا اللفظ.
(٢) الأم للشافعي (٢/ ١٣٨ - ١٣٩)، وبحر المذهب للروياني (٣/ ٤١٠ - ٤١١).
(٣) أخرجه الشافعي في الأم (٢/ ١٣٩)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٦) من طريق: ابن طاووس، وإبراهيم بن ميسرة، وهشام بن حجير عن طاووس به مرسلا.
ولذلك قال ابن القيم كما في زاد المعاد (٢/ ١٥٦ - ١٥٧): "إِنْ كانَ مَحفُوظًا وَجَبَ حَملُه على ما قبلَ الإحرامِ، وإِلَّا نَاقَض سَائِرَ الرّواياتِ الصَّحيحة".
وقال أيضا: "فأَمَّا حديثُ طاوُوس فمُرسَلٌ لا يُعارَضُ به الأساطِينُ المسنَداتُ، ولا يُعرَف اتِّصالُه بوجهٍ صحيحٍ ولا حَسنٍ".
لكن قال البيهقي في الكبرى (٤/ ٣٣٩): (وأكَّد الشَّافعيُّ هذه الرِّواية الْمُرسَلة بأحَادِيثَ موصُولةٍ رُوِيت في إِحرامِهم، تَشْهَدُ لِرِوايَة طاووس بالصِّحَّة"، ثُمَّ ذَكَرَها.

<<  <  ج: ص:  >  >>