للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْهَدْيِ﴾ (١)، وَالأَصْلُ فِي الحَصْرِ هَذِهِ الآيَةُ، وَنَزَلَتْ فِي حَصْرِ الْمُشْرِكِينَ، لِأَنَّ النَّبِيَّ خَرَجَ سَنَةَ سِتٍ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا، فَحَصَرَهُ الْمُشْرِكُونَ بِالحُدَيْبِيَّةِ، وَصَدُّوهُ عَنِ البَيْتِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، فَتَحَلَّلَ رَسُولُ اللهِ وَأَصْحَابُهُ مِنَ العُمْرَةِ، وَصَالَحُوا قُرَيْشًا عَلَى أَنْ يَعُودُوا فِي العَامِ القَابِلِ مُعْتَمِرِينَ، وَيَدْخُلُوا مَكَّةَ، وَيُقِيمُوا بِهَا لَيَالٍ ثَلَاثًا.

قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ (٢): إِذَا أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَحَصَرَهُ عَدُوٌّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَمَنعُوهُ مِنَ الوُصُولِ إِلَى البَيْتِ فَلَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ.

قَالَ جَابِرٌ : (أُحْصِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ بِالحُدَيْبِيَّةِ سَنَةَ سِتٍّ، فَنَحَرْنَا البَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ) (٣).

فَإِنْ أَحْصَرَهُ عَدُوٌّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَهُ التَّحَلُّلُ أَيْضًا مِنَ الإِحْرَامِ، لِأَنَّهُ مَصْدُودٌ عَنِ البَيْتِ بِغَيْرِ حَقٍ، وَكَانَ لَهُ التَّحَلُّلُ كَمَا لَوْ حَصَرَهُ الْمُشْرِكُونَ.

فَأَمَّا الحَصْرُ الخَاصُّ: (٤) فَإِنْ حُبِسَ بِحَقٍّ كَأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَهُوَ قَادِرٌ


(١) سورة البقرة، الآية: (١٩٦).
(٢) ينظر المهذب للشيرازي (١/ ٢٣٤)، الحاوي الكبير للماوردي (٤/ ٣٥٢).
(٣) لم أقِفْ عليه مُسْنَدا بهذِه الزِّيادَة الَّتي في أوَّله، وقَد ذكرهُ فُقَهاء الشَّافعيَّة فِي مُصَنَّفاتهم مِن رِوَاية مالكٍ عن أبي الزُّبير عن جابر.
ينظر: الحاوي الكبير للماوردي (٤/ ٣٤٥)، وبحر المذهب للرُّوياني (٤/ ٧٧).
والحديثُ الَّذِي أشَاروا إليه: أخرجه مسلم (رقم: ١٣١٨) عن طريق مالكٍ عن أبي الزّبير عن جابِرٍ قال: (نحرْنا مع رسُول الله عام الحديبيَّةِ البَدَنةَ عن سبعةٍ، والبَقرةَ عن سَبعة)، وليس فيه: (أُحْصِرْنَا مَع رَسُولِ اللهِ بالحُدَيبِيَة).
(٤) ينظر: الحاوي للماوردي (٤/ ٣٥٢)، بحر المذهب للرُّوياني (٤/ ٧٧)، روضة الطالبين النووي=

<<  <  ج: ص:  >  >>