للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِبْرِيلُ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ ، وَهُوَلَاءِ أَوْلَادُ المُسْلِمِينَ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ: وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ).

وَمِنْهُمْ مَنْ جَزَمَ لَهُمْ بِالنَّارِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُمْ يُمْتَحَنُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي العَرَصَاتِ، فَمَنْ أَطَاعَ دَخَلَ الجَنَّةَ، وَانْكَشَفَ عِلْمُ اللَّهِ فِيهِمْ بِسَابِقِ السَّعَادَةِ، وَمَنْ عَصَى دَخَلَ النَّارَ دَاخِرًا، وَانْكَشَفَ عِلْمُ اللهِ فِيهِ بِسَابِقِ الشَّقَاوَةِ.

وَهَذَا القَوْلُ يَجْمَعُ بَيْنَ الأَدِلَّةِ كُلِّهَا، وَقَدْ صَرَّحَتْ بِهِ الأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ الْمُتَعَاضِدَةُ الشَّاهِدُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ، وَهَذَا القَوْلُ هُوَ الَّذِي حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الأَشْعَرِيُّ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، وَهُوَ الَّذِي نَصَرَهُ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ فِي "كِتَابِ الاعْتِقَادِ"، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ مُحَقِّقِي العُلَمَاءِ، وَالحُفَّاظِ النُّقَّادِ" (١).

وحَكَى الإِمَامُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فِي الْمَسْأَلَةِ: قَوْلٌ بِأَنَّهُمْ فِي النَّارِ، وَقَوْلٌ ثَانٍ بِالتَّوَقُفِ فِيهِمْ، ثُمَّ قَالَ: "وَالثَّالِثُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ" (٢).

وَلَمْ يَجْزِمْ قِوَامُ السُّنَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلٍ، بَلِ اقْتَصَرَ عَلَى إِيرَادِ قَوْلَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ مَقَالَاتِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِيهَا.


(١) ينظر: تفسير الحافظ ابن كثير (٥/ ٥٧ - ٥٨).
وما حكاه عن الأشعري مُثْبتٌ في كتابه الإبانة (ص: ٣٤)، وينظر أيضا: الاعتقاد للبيهقي (ص: ١٩٦)، التَّمْهِيد لابنِ عبد البَرِّ (١٨/ ١١٦) فما بعدها، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٤/ ٣١١ - ٣١٣).
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم (١٦/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>