للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُقَالُ: اقْدُرْ بِذِرْعِكَ أَيْ: اقْصِدْ مِنَ الأُمُورِ بِمِقْدَارِ مَا عِنْدَكَ مِنَ الاسْتِقْلَالِ.

وَمَعْنَى (فَاقْدُرُوا لَهُ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَبِالضَّمِّ، أَيْ: قَدَّرُوا لَهُ عَدَدَ الأَيَّامِ (١) حَتَّى تكْمِلُوهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَقَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: (فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ) (٢).

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: قَدَّرُوا مَنَازِلَ القَمَرِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَدُلُّكُمْ عَلَى أَنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ أَوْ ثَلَاثُونَ.

قَالَ بَعْضُ الفُقَهَاءِ: هَذَا خِطَابٌ لِمَنْ خَصَّهُ اللَّهُ بِهَذَا العِلْمِ.

وَقَوْلُهُ: (فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ) خِطَابٌ لِلْعَامَّةِ الَّتِي لَمْ تُعْنَ بِهِ، يُقَالُ: قَدَرْتُ لِأَمْرٍ كَذَا قَدْرًا إِذَا نَظَرْتُ فِيهِ وَدَبَّرْتُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَائِشَةَ : (فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ) (٣) الْمُشْتَهِيَّةِ لِلنَّظَرِ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ [لَا يَجِبُّ] (٤) إِلَّا بِشَرْطَيْنِ: رُؤْيَةُ الهِلَالِ، وَاسْتِكْمَالُ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَمَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ هَذَيْنِ الشَّرْطَينِ لَا يَجِبُ الصَّوْمُ.

فَأَمَّا مَنْ شَرَطَ شَرْطًا آخَرَ فَقَالَ: إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالنُّجُومِ، فَعَلِمَ أَنَّ الشَّهْرَ قَدْ دَخَلَ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ أَوْ يَشْهَدَ شَاهِدَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالنُّجُومِ


(١) في المخطوط (عدد الشهور)، وهو خطأ.
(٢) أخرجه البخاري (رقم: ١٩٠٦) ومسلم (رقم: (١٠٨٠) عن عبد الله بن عمر مرفوعًا.
(٣) أخرجه البخاري (رقم: ٥١٩٠) ومسلم (رقم: ٨٩٢) من حديث أم المؤمنين عائشة ، بلفظ: (فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَّةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ الحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ)، وقوله هنا: (المشتهية للنظر) كالتَّفْسِير لَه، ولم يَرِد في شيء من طرق الحديث، والله أعلم.
(٤) زيادة يقتضيها سياق الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>