للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، كَمَا قَالَ الإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ فِي عَقِيدَتِهِ الْمَشْهُوَرَةِ: "وَلَا تُنْزِلُ أَحَدًا مِنْهُمْ جَنَّةً وَلَا نَارًا" (١).

وَقَدْ ضَلَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طَوَائِفُ مِنَ الخَوَارِجِ القَائِلِينَ بِتَكْفِيرِ أَصْحَابِ الكَبَائِرِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ، وَالْمُعْتَزِلَةِ القَائِلِينَ بِالْمَنْزِلَةِ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ، وَمَنْ شَاكَلَهُمْ وَوَافَقَهُمْ مِنْ أَهْلِ البِدَعِ.

وحَشَدَ الْمُصَنِّفُ قِوامُ السُّنَّةِ الأَدِلَّةَ عَلَى صِحَّةِ مَقَالَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي كِتَابِهِ الحُجَّةُ فِي بَيَانِ الْمَحَجَّةِ، فَقَالَ: "وَمِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُمْ لَا يَشْهَدُونَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ بِالنَّارِ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى كَبِيرَةٍ مِنَ الكَبَائِرِ، وَلَا يَشْهَدُونَ لأَحَدٍ أَنَّهُ فِي الجَنَّةِ إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ ، وَنَرْجُو لِأَهْلِ القِبْلَةِ الجَنَّةَ، وَنُرَغِّبُ فِي شُهُودِ جَنَازَتِهِ وَعِيَادَتِهِ" (٢).

وَقَالَ العَلَّامَةُ ابْنُ أَبِي العِزِّ فِي شَرْحِهِ: "وَلَكِنَّا نَقِفُ فِي الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ، فَلَا تَشْهَدُ لَهُ بِجَنَّةٍ وَلَا نَارٍ إِلَّا عَنْ عِلْمٍ، لِأَنَّ حَقِيقَةً بَاطِنِهِ وَمَا مَاتَ عَلَيْهِ لَا نُحِيطُ بِهِ، لَكِنْ نَرْجُو لِلْمُحْسِنِ، وَنَخَافُ عَلَى الْمُسِئِ" (٣).


(١) شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (ص: ٣٧٠).
(٢) الحُجَّة في بيان المحجَّة (٢/ ٢٨٦)، وينظر أيضا في تحقيق قولِ أهل السُّنَّة في هذه المسألة: عقيدة السَّلَف أصْحَاب الحديث للصَّابوني (ص: ٨٦)، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي (٦/ ١٠٧٠) فما بعدها.
(٣) شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (ص: ٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>