للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهِ دليل على أنَّ الحائِضِ ليْسَتْ بِنَجِسَةٍ، لأنَّه لَوْ كَانَتْ نَجِسَةٌ لَمَا مَكَّنَهَا النَّبِيُّ مِن غَسْلِ رَأْسِهِ.

وفِيهِ دَليلٌ أَنَّ يَدَ الْمَرْأَةِ لَيْسَتْ بِعَورَةٍ، وذلكَ لأَنَّ الْمَسْجِدَ لَم يَكُنْ يَنفَكُّ مِنْ أنْ يَكُونَ فِيهِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ، فإذَا غَسَلَتْ رَأْسَهُ شَاهَدُوا يَدَيْهَا.

ولا يَعُودُ الْمُعْتَكِفُ الْمَرْضَى، وَلا يَشْهَدُ الجنَائِزَ، لما رَوتْ عائِشَةُ قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ الله لا يَشْهَدُ جَنَازَةً، ولا يَعُودُ مَرِيضًا، ولَا يَمَسُّ امْرَأَةً، وَلَا يُبَاشِرُها، ولَا يَخْرُجُ إِلا لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ، إِلَّا لِمَا بُدَّ مِنْهُ) (١).

قالَ أهلُ العِلمِ: وَالْمُبَاشَرَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

مُبَاشَرةٌ في الفَرْجِ، فإنَّها مُحرَّمَةٌ عَلَى الْمُعْتَكِفِ، وَإِذَا فَعَلَهَا فَسَدَ اعْتِكَافُهُ، لقولِهِ تعَالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ (٢).


(١) أخرجه أبو داود (رقم: ٢٤٧٥) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة أنَّها قالت: (السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أن لا يَعُودَ مَرِيضًا ...... ).
قال أبو داود: "عبدُ الرَّحمن بنُ إِسْحَاق لا يَقُول فيه: (قَالَت السُّنَّة)، قالَ أبُو داودَ: جَعَلَه قَوْلَ عَائِشَة".
قلتُ: وأخْرجه الدارقطني في السَّنن (٢/ ٢٠١)، والبيهقي في الكبرى (٤/ ٣٢٠)، وفي شعب الإيمان (٣/ ٤٢٣) من طرق عن الزهري عن عروة عن عائشة به.
قلتُ: وقد ادَّعَى الدَّارقطنيُّ أنَّ قَوْلَه: (السُّنَّة لِلْمُعْتَكِف ..... )، مُدْرَجٌ مِنْ كَلام الزُّهري، وهَذا يُخالِفُ رِوَايَة ابن إِسْحَاق عِنْد أَبي دَاود، وروايَةَ عُقَيْلٍ وابنِ جُرَيْجٍ عندَ البَيْهقيِّ، فقَد صَرَّح هؤلاءِ الحُفَّاظ الثَّلاثة بأنَّ هَذِهِ الزِّيَادَة مِن قَوْل عَائِشَة.
وينظر: نصب الراية للزيلعي (٢/ ٤٨٦)، وقال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام (١/ ٢٢٥): "إسْنَادُه لا بَأْسَ بِه، إلَّا أنَّ الرَّاجِحَ وَقَفُ آخِرِه".
(٢) سورة البقرة، الآية: (١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>