للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَمَّا مَا فِي خَبرِ زكريَّا بنُ أبي زَائِدة: (فَمَنْ وَقَعَ فِي المُشْتَبِهَاتِ وَقَعَ فِي الحرَامِ) (١)، فَهَذَا لَفظُهُ لَفْظُ الْمَاضِي، وَمَعْنَاهُ مَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ، أَيْ: يَقَعُ في الحَرامِ، كقولِهِ: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) (٢) يَعْنِي: ويُنْفَخُ فِي الصُّور.

وقالَ الشافعيُّ (٣) في قولهِ ﷿: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾ (٤): البُلوغُ بُلُوغَانِ:

أحدُهُما: مُقاربَةُ البُلُوغِ.

والثَّانِي: انْقِضَاءُ البُلُوغِ، كمَا تَقُولُ العَربُ إِذَا أَرَادَتِ الْبَلْدَة فَقَرُبْتَ مِنْهَا: قَدْ بَلَغْتُهَا، أوتُرِيدُ الأَمْرَ فَتَقْرُبُ مِن مُرَادِهَا، فَتَقُولُ: قَد بلغْتُ حَاجَتِي بمعنَى قَولِهِ: (وَقَعَ فِي الحَرَامِ) أَيْ: قَرُبَ مِنْ مُواقَعَةِ الحَرَامِ، لأَنَّ الْمُرتِعَ حَوْلَ الْحِمَى قَرُبَ مِن مُواقعَةِ الْحِمَى.

والدَّليلُ علَى صِحَّة هذَا الْمَعْنَى خَبَرُ مُطَرِّفِ بن طَرِيفٍ: (لَمْ تَلْبَثْ غَنَمُهُ أَنْ تَرْتَعَ وَسَطَه) (٥)، أَخبَرَ أَنَّ الْمُرْتِعَ حَوْلَ الْحِمَى قَد قَارَبَ أَنْ يَرتَعَ الحِمَى.

وخَبْرُ عَطِيَّةَ السَّعْدِي شَبيهٌ بهذا أيضًا قَالَ: قالَ رَسُولُ الله : (لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ أنْ يَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لَا بَأسَ بِهِ حَذَرًا مِمَّا بِهِ بَأْسٌ) (٦)، أَخْبَرَ


(١) أخرجها مسلم (رقم: ١٥٩٩).
(٢) سورة الزمر، الآية: (٦٨).
(٣) الأم للشافعي (٥/ ١٢٧).
(٤) سورة الطلاق، آية: (٠٢).
(٥) أخرجه أبو عوانة في مستخرجه (٣/ ٣٩٨) من طريق جرير عن مطرف به.
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (٢/ ٩٢)، وعَبْدُ بن حُمَيد في المسند كما في منتخبه (١٧٦)، والترمذي (رقم: ٢٤٥١)، وابن ماجه (رقم: ٤٢١٥)، والطبراني في الكبير (١٧/ ١٦٨)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>