للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِقهُ حَديثِ أبي هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ (١): لَمَّا ارْتَابَ النَّبِيُّ فِي التَّمْرَةِ أَهِيَ مِن الصَّدَقَة الَّتي تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَمْ هِيَ مِنْ مَالٍ لَهُ تَرَكَ أَكْلَهَا، ولَم يَكُنْ قَبْلَ الشَّكِّ في تِلْكَ التَّمَرَة يَقِينُ تَحْرِيمٍ، وَلَا يَقِينُ تَحْلِيلٍ فَيُرْجَعُ إِلى الأَصْلِ، فالتَّقَدُّمُ عَلَى أَكْلِ مَا هَذِهِ صِفَتُهُ غَيْرُ جَائِرٍ، ولَيْسَ لِمُفْتٍ أَنْ يُفْتِيَ أَحَدًا بِأَكْلِهِ.

ورُوِيَ مِن حَدِيثِ عَمْرِو بن شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَن جَدِّه: (أَنَّ النَّبِيَّ تَضَوَّرَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقِيلَ لَهُ: مَا أَسْهَرَكَ؟ قَالَ: إِنِّي وَجَدْتُ تَمْرَةً سَاقِطَةً فَأَكَلْتُهَا، ثُمَّ تَذَكَّرتُ تَمْرًا كَانَ عِنْدَنَا مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَة، فَمَا أَدْرِي أَمِنْ ذَلِكَ كَانَتْ أَوْ مِنْ تَمْرِ أَهْلِي؟ فَذَاكَ أَسْهَرَنِي) (٢).

قيل: التَّضَوُّر: التَّلَوِّي والتَّقَلُّبُ، وقِيلَ: هو التَّقَلُّبُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ.

كَانَ يَسْهَرُ وَيَتَضَوَّرُ بِسَبَبِ أَكْلِ التَّمْرَةِ الَّتِي شَكَّ فِيهَا أَكَانَتْ مِن تَمْرِ أَهْلِهِ أَمْ مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَة.

ومِمَّا جَاءَ وهُو قَرِيبٌ لِلْمَعْنَى مِمَّا قَدَّمْنَاهُ: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: (إِذَا وُضِعَتِ الجَنَازَةُ، واحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَكْتَافِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالحةً، قالتْ: قَدِّمُونِي قَدِّمُوني، وإنْ كانَتْ غَيْرَ صَالِحةٍ قَالتْ: يَا وَيْلَهَا! أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِهَا، يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الإِنْسَانُ، ولَو سَمِعَ صُعِقَ) (٣).


(١) هما الحديثان المتقدم تخريجهما قريبا (رقم: ٢٠٥٥).
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ١٧)، ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان (٥/ ٥١) من طريق عبدان عن ابن المبارك عن أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عنه به.
قال الحاكم: صحيحُ الإِسْناد، ولم يُخْرِجاه.
(٣) أخرجه البخاري (رقم: ١٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>