للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تِلْكَ السِّلْعَةِ بِدُونِ ذَلكَ الثَّمَنِ، فَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ، لأَنَّه فِي مَعْنَى الخِطْبَة عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وقَد نُهِيَ عَنْهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْبَابِ (١).

وفي الخِطْبَة علَى الخِطْبَةِ ثَلاثُ مَسَائِلَ:

إحدَاهَا: أنْ يَخْطِبَ رَجُلٌ امْرَأَة فَصَرَّحتْ بإجَابَتِهِ، فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ خِطْبَتُهَا بِلَا خِلافٍ (٢)، وفِيهِ وَرَدَ الخَبَرُ.

والثَّانيَة: أنْ يَخْطِبَهَا فَلَمْ تُصَرِّح بإجَابَتِهِ، وَلَا وُجِدَ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، فَيَجُوزُ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَخطِبهَا.

والثَّالثَة: أَنْ يَخطِبهَا فَلَمْ يُوجَدْ مِنْهَا التَّصْرِيحُ، وَلَكِنْ يُوجَدُ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الإِجَابَة، فَلِلشَّافِعِيِّ فِي هَذَا قَوْلَانِ (٣).

وَفِي الْمَسَائلِ الثَّلاثِ في الخِطْبَةِ مِثْلُ ذَلِكَ فِي السَّوْمِ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، وَالاسْتِيَامِ عَلَى سَوْمٍ أَخِيه.

وهَذَا الحُكْمُ فِي السَّوْمِ إِذَا كَانَتِ الْمُسَاوَمَةُ مَعَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، فَأَمَّا إِذَا طُرِحَتِ السَّلْعَةُ فِي النِّدَاءِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا، ويُبَالِغَ فِي ثَمِنِهَا، لأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلكَ


(١) في المخطوط (أبي ذَرٍّ) وهو تصْحِيفٌ، والصَّوابُ ما أثبته.
(٢) ينظر: الحاوي للماوردي (٩/ ٢٥٢)، وممَّن نَقَلَ الإجماع هنا: ابن العربي في عارضة الأحوذي (٥/ ٥٦)، وابن قدامة المقدسي في المغني (٩/ ٥٦٧)، وابن تيمية في مجموع الفتاوى (٣٢/ ٧)، ونقله أيضا الحافظ في فتح الباري (٩/ ١٤١).
(٣) ينظر: الأم للشافعي (٥/ ٣٩)، والحاوي للماوردي (٩/ ٢٥٢)، والقول القديم للشافعي: أَنَّه تَحْرُم خِطْبَتُها، وقَالَ في الجَدِيد: بجَوَازِ ذلِكَ، لأَنّ الأَصْلَ إِبَاحَةُ الخِطْبَة مَا لم تَتَحَقَّق شُرُوط الحَظْر.

<<  <  ج: ص:  >  >>