للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* الخَامِسُ: قَالَ : وَقَوْلُهُ: (وَلَيْسَ فِيكُمْ مَنْ تُقْطَعُ الأَعْنَاقُ إِلَيْهِ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ )، يُرِيدُ أَنَّ السَّابِقَ مِنْكُمُ الَّذِي لَا يَلْحَقُ شَأْوَهُ فِي الفَضْلِ أَحَدٌ لَا يُكُونُ مِثْلًا لأَبي بَكْرٍ، أَيْ: فَلَا يَطْمَعَنَّ أَحَدٌ أَنْ يُبايَعَ كَمَا بُويعَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَا يَطْمَعَنَّ أَنْ يُبَايَعَ مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ" (١).

السَّادِسَ: أَشَارَ إِلَى أَنَّ النَّبِيَّ أَلْمَحَ إِلَى أَنَّهُ الخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِهِ، فَقَالَ : "وَفِي جَعَلِ النَّبِيِّ بَابَهُ فِي الْمَسْجِدِ لِيَخْلُفَهُ فِي الإِمَامَةِ، فَيَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى المَسْجِدِ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ يَخْرُجُ، وَمَنْعِ النَّاسِ كُلِّهِمْ مِنْ ذَلِكَ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ، لَمْ يَخُصَّ بِهَا غَيْرَهُ، وَدَلِيلٌ عَلَى خِلَافَتِهِ بَعْدَهُ" (٢).

وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا عَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ مِنْ أَنَّ خِلَافَةَ الصِّدِّيقِ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هَلْ كَانَتْ بِالنَّصِّ الخَفِيِّ أَوِ الجَلِيِّ (٣)؟

قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ : "وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ النَّبِيَّ دَلَّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى اسْتِخْلَافِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَرْشَدَهُمْ إِلَيْهِ بِأُمُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَأَخْبَرَ بِخِلَافَتِهِ إِخْبَارَ رَاضٍ بِذَلِكَ حَامِدٍ لَهُ، وَعَزَمَ عَلَى أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ عَهْدًا، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَتَرَكَ الْكِتَابَ اكْتِفَاءً بِذَلِكَ، ثُمَّ عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ، ثُمَّ لَمَّا حَصَلَ لِبَعْضِهِمْ شَكٌّ: هَلْ ذَلِكَ الْقَوْلُ مِنْ جِهَةِ


(١) (٥/ ٣٧٢) من قسم التحقيق.
(٢) (٢/ ٤١٦) من قسم التحقيق.
(٣) ينظر في تحرير القول في هذه المسألة: الفصل في الملل والنحل لابن حزم (٤/ ٨٧ - ٨٩)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام (٣٥/ ٤٧ - ٤٩)، منهاج السنة النبوية له (١/ ١٣٩ - ١٤١)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (١/ ٥٩)، شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (ص: ٤٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>